السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5162 باب في الآيات، التي تكون قبل الساعة

وذكره النووي ، في: (كتاب الفتن).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص27، 28 ج18، المطبعة المصرية

(عن حذيفة بن أسيد، الغفاري؛ قال: اطلع النبي، صلى الله عليه وسلم، علينا، ونحن نتذاكر.

فقال: "ما تذاكرون؟". قالوا: نذكر الساعة.

قال:
"إنها لن تقوم حتى ترون قبلها: عشر آيات".

[ ص: 383 ] فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، صلى الله عليه وسلم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب.

وآخر ذلك: نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم
).


(الشرح)

(عن حذيفة بن أسيد): بفتح الهمزة، وكسر السين. (الغفاري، رضي الله عنه). وقوله في هذا الإسناد: -"عن ابن عيينة، عن فرات، عن أبي الطفيل، عن حذيفة- هو مما استدركه الدارقطني، وقال: ولم يرفعه: غير فرات، عن أبي الطفيل، من وجه صحيح.

قال : ورواه عبد العزيز بن رفيع، وعبد الملك بن ميسرة: موقوفا. انتهى.

قال النووي : وقد ذكر مسلم رواية "ابن رفيع" موقوفة. كما قال: ولا يقدح هذا في الحديث. فإن "ابن رفيع" ثقة حافظ، متفق على توثيقه. فزيادته: مقبولة.

(قال: اطلع النبي صلى، الله عليه) وآله (وسلم، علينا. ونحن نتذاكر. فقال: "ما تذكرون؟". قالوا: نذكر الساعة.

[ ص: 384 ] قال: "إنها لن تقوم، حتى تروا قبلها: عشر آيات"؛ فذكر الدخان).

قال النووي : هذا الحديث، يؤيد. قول من قال: إن الدخان، دخان يأخذ بأنفاس الكفار. ويأخذ المؤمن منه: كهيئة الزكام. وأنه لم يأت بعد. وإنما يكون قريبا من قيام الساعة. وأنكر ابن مسعود عليه، وقال: إنما هو عبارة عما نال قريشا من القحط، حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء: كهيئة الدخان.

وقد وافقه على ذلك جماعة.

وقال بالقول الآخر: حذيفة، وابن عمر، والحسن. ورواه حذيفة عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم. وأنه يمكث في الأرض أربعين يوما.

ويحتمل أنهما دخانان، للجمع بين هذه الآثار. انتهى.

وفي كتابنا (الإذاعة): هو بعد دابة الأرض، وقبل الريح. لأن بعد الريح: لا يبقى مؤمن.

قال العلماء: آية الدخان ثابتة، بالكتاب والسنة؛

أما الكتاب، فقوله تعالى: فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين .

قال ابن عباس وزيد بن علي: هو دخان قبل قيام الساعة.

[ ص: 385 ] وأما السنة، فكثيرة. انتهى.

منها: حديث الباب هذا.

(والدجال) وسيأتي حاله. (والدابة). وهي المذكورة في قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم .

قال النووي : قال المفسرون: هي دابة عظيمة، تخرج من صدع في الصفاة.

وعن "ابن عمرو بن العاص": أنها الجساسة، المذكورة في حديث الدجال. انتهى.

وبها جزم البيضاوي.

والكلام في حليتها، وسيرتها، وخروجها: ذكرناه في (حجج الكرامة). وذكره صاحب (الإشاعة) أيضا. وكله مستفاد من الأحاديث، والآثار.

(وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم)، عليه السلام .

(ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب).

وسيأتي الكلام على هذا كله، في مواضعه.

[ ص: 386 ] (وآخر ذلك: نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم).

وفي رواية: "تخرج من قعرة عدن" هكذا هو في الأصول. ومعناه: "من أقصى قعر أرض عدن".

"وعدن": مدينة معروفة مشهورة، باليمن. قال الماوردي: سميت "عدنا": من العدون. وهي "الإقامة". لأن "تبعا" كان يحبس فيها أصحاب الجرائم.

وهذه النار الخارجة من قعر عدن واليمن، هي الحاشرة للناس. كما صرح به في الحديث. قاله النووي .

وبسط الكلام على هذه النار: في (الإذاعة، والحجج). فراجعهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية