السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
باب : سبق قراء المهاجرين الأغنياء إلى الجنة

وقال النووي : (كتاب الزهد ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 110 ج 18 ، المطبعة المصرية

عن أبي هانئ ؛ سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص -وسأله رجل- فقال : ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ فقال له عبد الله : ألك امرأة ، تأوي إليها ؟ قال : نعم . قال : ألك مسكن تسكنه ؟ قال : نعم . قال : فأنت من الأغنياء .

قال : فإن لي خادما . قال : فأنت من الملوك .

2979 قال أبو عبد الرحمن : وجاء ثلاثة نفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص -وأنا عنده- ، فقالوا : يا أبا محمد ! إنا ، والله ! ما نقدر على شيء : لا نفقة ، ولا دابة ، ولا متاع .

فقال لهم : ما شئتم ؟ إن شئتم : رجعتم إلينا ، فأعطيناكم ما يسر الله لكم . وإن شئتم : ذكرنا أمركم للسلطان . وإن شئتم : صبرتم ، فإني سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : «إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء -يوم القيامة- إلى الجنة : بأربعين خريفا » . قالوا : فإنا نصبر ، لا نسأل شيئا ) .


[ ص: 512 ] (الشرح)

(عن أبي عبد الرحمن الحبلي ) : بفتح الحاء والباء ، يعد في المصريين . واسمه : عبد الله بن يزيد المصري .

(يقول : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص - وسأله رجل - ، فقال : ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ فقال له عبد الله : ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال : نعم . قال : ألك مسكن تسكنه ؟ قال : نعم . قال : فأنت من الأغنياء . قال : فإن لي خادما . قال : فأنت من الملوك .

قال أبو عبد الرحمن : وجاء ثلاثة نفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص - وأنا عنده - فقالوا له : يا أبا محمد ! والله ! ما نقدر على شيء : لا نفقة ، ولا دابة ، ولا متاع . فقال لهم : ما شئتم ؟ ) (ما » استفهامية . أي : أي شيء شئتم ؟ (إن شئتم : رجعتم إلينا ) ، فإنه لا يحضرنا الآن شيء (فأعطيناكم ما يسر الله لكم ) أي : على أيدينا .

(وإن شئتم : ذكرنا أمركم للسلطان . وإن شئتم : صبرتم ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول : « إن فقراء [ ص: 513 ] المهاجرين يسبقون الأغنياء - يوم القيامة - إلى الجنة : بأربعين خريفا » ) أي : سنة .

ظاهر هذا الحديث ، يدل على تخصيص هذا الحكم : بالفقراء من المهاجرين ، والأغنياء منهم . وقد دل بعض الأحاديث : على إطلاقه ، وعلى كون القبلية (بخمسمائة عام ) . ولعل ذلك في غير المهاجرين من الأصحاب .

وبهذا يندفع المنافاة بين هذا الحديث ، وبين حديث أبي هريرة ، [ ص: 514 ] يرفعه ؛ «يدخل الفقراء الجنة ، قبل الأغنياء : بخمسمائة عام - نصف يوم - » رواه الترمذي .

وقيل : إن الفقراء الذين في قلوبهم ميل ورغبة إلى الدنيا ، يتقدمون على الأغنياء : بأربعين . والزهاد من الفقراء ، يتقدمون : بخمسمائة .

والمراد بالخريف : العام ؛ لأن العرب يبتدئون العام : بالخريف .

سمي خريفا : لأنه يخرف فيه الثمار . أي : يجتنى . كذا في اللمعات .

(قالوا : فإنا نصبر ، لا نسأل شيئا ) .

وفي رواية أخرى ، عن عبد الله بن عمرو ؛ قال : بينما أنا قاعد في المسجد - وحلقة من فقراء المهاجرين قعود - إذ دخل النبي صلى الله عليه [ ص: 515 ] وآله وسلم ، فقعد إليهم ، فقمت إليهم ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «ليبشر فقراء المهاجرين : بما يسر وجوههم ، فإنهم ؛ يدخلون الجنة قبل الأغنياء : بأربعين عاما » . قال : فلقد رأيت ألوانهم أسفرت . قال عبد الله بن عمرو : حتى تمنيت . أن أكون معهم - أو منهم- رواه الدارمي .

التالي السابق


الخدمات العلمية