السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5268 (باب منه )

وهو في النووي ، في : (كتاب الزهد ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 101 - 103 ج18 ، المطبعة المصرية

(عن خالد بن عمير العدوي ؛ قال : خطبنا عتبة بن غزوان فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ؛ فإن الدنيا قد آذنت بصرم ، وولت حذاء . ولم يبق منها إلا صبابة ، كصبابة الإناء : يتصابها صاحبها . وإنكم منتقلون منها : إلى دار ، لا زوال لها ، فانتقلوا : بخير ما بحضرتكم ، فإنه : قد ذكر لنا : أن الحجر يلقى من شفة جهنم ، فيهوي فيها : سبعين عاما ، لا يدرك لها قعرا ، ووالله ! لتملأن . أفعجبتم ؟

ولقد ذكر لنا : أن ما بين مصراعين -من مصاريع الجنة- : مسيرة أربعين سنة ، وليأتين عليها يوم ، وهو كظيظ من الزحام .

ولقد
رأيتني -سابع سبعة ، مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم- : ما لنا طعام ، إلا ورق الشجر ، حتى قرحت أشداقنا ، فالتقطت بردة ؛ [ ص: 536 ] فشققتها بيني وبين سعد بن مالك ؛ فاتزرت بنصفها ، واتزر سعد بنصفها . فما أصبح -اليوم- منا أحد ، إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار . وإني أعوذ بالله : أن أكون -في نفسي- عظيما ، وعند الله : صغيرا .

وإنها ، لم تكن نبوة قط : إلا تناسخت ، حتى يكون آخر عاقبتها : ملكا . فستخبرون ، وتجربون : الأمراء بعدنا ) .



(الشرح)

«خطبة عتبة بن غزوان »

(عن خالد بن عمير العدوي ؛ قال : خطبنا عتبة بن غزوان ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ! فإن الدنيا قد آذنت بصرم ) : بهمزة ممدودة ، وفتح الذال . أي : أعلمت .

«والصرم » بالضم : الانقطاع ، والذهاب .

(وولت حذاء ) بحاء مهملة مفتوحة ، ثم ذال معجمة مشددة ، وألف ممدودة : أي : مسرعة الانقطاع .

(ولم يبق منها : إلا صبابة ، كصبابة الماء ) : بضم الصاد . أي : البقية اليسيرة من الشراب ، تبقى في أسفل الإناء .

(يتصابها ) أي : يشربها (صاحبها . وإنكم منتقلون منها : إلى دار ، لا زوال لها . فانتقلوا : بخير ما بحضرتكم . فإنه ؛ قد ذكر لنا : أن الحجر [ ص: 537 ] يلقى من شفة جهنم ، فيهوي فيها : سبعين عاما ، لا يدرك لها قعرا ) .

قعر الشيء : أسفله .

(ووالله : لتملأن . أفعجبتم ؟ ولقد ذكر لنا : أن ما بين مصراعين - من مصاريع الجنة - : مسيرة أربعين سنة ، وليأتين عليها يوم ، وهو كظيظ ) أي : ممتلئ (من الزحام .

ولقد رأيتني - سابع سبعة ، مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - : ما لنا طعام ، إلا ورق الشجر ، حتى قرحت أشداقنا ) أي : صار فيها «قروح ، وجراح » من خشونة الورق الذي نأكله ، وحرارته .

(فالتقطت بردة ، فشققتها بيني وبين سعد بن مالك ؛ فاتزرت بنصفها ، واتزر سعد بنصفها . فما أصبح - اليوم - منا أحد ، إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار . وإني أعوذ بالله : أن أكون في نفسي عظيما ، وعند الله صغيرا .

وإنها ، لم تكن نبوة قط ؛ إلا تناسخت ، حتى تكون آخر عاقبتها : ملكا . فستخبرون ، وتجربون : الأمراء بعدنا ) .

فيه : بيان زهد الصحابة ، وعدم افتنانهم : بإمارة الدنيا ، وزخارفها الفانية .

وفيه : أن النبوة تذهب بعد زمن ، ويخلفها ملك وسلطنة ، ويأتي الشر بعد الخير .

التالي السابق


الخدمات العلمية