السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1023 [ ص: 143 ] (باب التغليس في صلاة الصبح).

وقال النووي: (باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها؛ وهو: "التغليس" وبيان قدر القراءة فيها).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ص 144 ج5 المطبعة المصرية.

[عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي، قال: لما قدم الحجاج المدينة فسألنا جابر بن عبد الله. فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة. والعصر- والشمس نقية- والمغرب إذا وجبت. والعشاء أحيانا يؤخرها، وأحيانا يعجل. كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل. وإذا رآهم قد أبطئوا أخر. والصبح كانوا (أو قال): كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس] ). .


(الشرح) .

(عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي؛ قال: لما قدم الحجاج المدينة؛ فسألنا جابر بن عبد الله. فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي الظهر بالهاجرة).

هي: شدة الحر "نصف النهار" عقب الزوال.

قيل: سميت "هاجرة" من "الهجر" وهو الترك، لأن الناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر، ويقيلون.

[ ص: 144 ] "وفيه" استحباب المبادرة بالصلاة، في أول الوقت.

(والعصر والشمس نقية) أي: صافية، خالصة، لم يدخلها بعد صفرة.

(والمغرب إذا وجبت) أي: غابت الشمس. والوجوب: السقوط وحذف ذكر الشمس للعلم بها. كقوله تعالى:

( حتى توارت بالحجاب ) .

(والعشاء أحيانا يؤخرها، وأحيانا يعجل. كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل، وإذا رآهم قد أبطأوا أخر، والصبح كانوا. "أو قال": كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها "بغلس") هو "بقايا ظلام الليل". وفي الصلاة بغلس، أحاديث صحيحة كثيرة.

"منها" حديث عائشة: (أن نساء من المؤمنات يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن متلفعات بمروطهن، لا يعرفهن أحد).

وفي رواية عنها: (ثم ينقلبن إلى بيوتهن وما يعرفن، من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة).

وفي أخرى ("ما يعرفن من الغلس) وهذا واضح، لا يلتبس على ذي بصر.

[ ص: 145 ] وأصرح من هذا ما أخرجه (أبو داود) من حديث ابن مسعود: (أنه أسفر بالصبح مرة، ثم كانت صلاته بعد "بالغلس" حتى مات؛ لم يعد، إلى أن يسفر).

وأما ما رواه أصحاب السنن، وصححه غير واحد: من حديث رافع بن خديج مرفوعا: "أسفروا بالصبح فإنه أعظم للأجر". فقد حمله الشافعي وغيره من الأئمة، على أن المراد بذلك: تحقق طلوع الفجر.

وحمله الطحاوي على أن المراد: تطويل القراءة فيها، حتى يخرج من الصلاة مسفرا.

وأبعد من زعم: أنه ناسخ للصلاة في "الغلس" كذا في الفتح.

التالي السابق


الخدمات العلمية