السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1337 باب في قراءة القرآن ، وسورة البقرة ، وآل عمران

وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب فضل قراءة القرآن ، وسورة البقرة ) .

[ ص: 564 ] (حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 89 ، 90 ج6 ، المطبعة المصرية

(عن زيد ؛ أنه سمع أبا سلام ، يقول : حدثني أبو أمامة الباهلي ؛ قال : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؛ يقول : «اقرءوا القرآن ، فإنه يأتي -يوم القيامة- شفيعا لأصحابه .

اقرءوا الزهراوين : البقرة ، وسورة آل عمران ، فإنهما تأتيان -يوم القيامة- كأنهما غمامتان . أو كأنهما غيايتان . أو كأنهما فرقان : من طير صواف : تحاجان عن أصحابهما .

اقرءوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها : بركة . وتركها : حسرة . ولا تستطيعها : البطلة » .


قال معاوية : بلغني أن البطلة : السحرة ) .


(الشرح)

(عن أبي أمامة الباهلي ) ، رضي الله عنه ؛ (قال : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : يقول : اقرأوا القرآن ؛ فإنه يأتي - يوم القيامة - شفيعا لأصحابه ) .

في هذا : دليل على أن القرآن الكريم : يشفع لأصحابه ؛ وهم التالون له . ولهذا : أمر صلى الله عليه وآله وسلم : بقراءته .

[ ص: 565 ] وأخرج « ابن حبان » في صحيحه من حديث « جابر » مرفوعا : « القرآن شافع مشفع ، وماحل مصدق . من جعله أمامه : قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلف ظهره : ساقه إلى النار » .

(اقرأوا الزهراوين : البقرة ، وسورة آل عمران ) . قالوا : سميتا «الزهراوين » : لنورهما ، وهدايتهما ، وعظيم أجرهما .

وفيه : جواز قول سورة آل عمران ، وسورة النساء ، وسورة المائدة ، وشبهها . ولا كراهة في ذلك .

وكرهه : بعض المتقدمين ، وقال : إنما يقال : السورة التي يذكر فيها آل عمران .

والصواب : الأول . وبه قال الجمهور ، لأن المعنى معلوم .

(فإنهما يأتيان - يوم القيامة - كأنهما غمامتان . أو كأنهما غيايتان ) .

قال أهل اللغة : «الغمامة ، والغياية » : كل شيء أظل الإنسان - فوق رأسه - من سحابة وغبرة ، وغيرهما .

والمراد بالغمامتين : السحابتان . وإنما سمي غمامة : لأنه يغم السماء ، أي : يستره .

[ ص: 566 ] قال العلماء : المراد أن ثوابهما يأتي ، كغمامتين . (أو كأنهما ، فرقان ) بكسر الفاء ، وإسكان الراء . وفي رواية أخرى : «كأنهما حزقان » بكسر الحاء ، وإسكان الزاي .

ومعناهما : واحد . وهما : قطيعان ، وجماعتان . يقال في الواحد : «فرق ، وحزق ، وحزيقة » أي : جماعة . (من طير صواف ) أي : باسطات أجنحتها ، حال طيرانها (تحاجان عن أصحابهما ) أي : تقيمان الحجة لهم ، وتجادلان عنهم . وصاحبهما : «هو المستكثر من قراءتهما » .

وظاهر الحديث : أنهما يتجسمان ، حتى يكونا كأحد هذه الثلاثة التي شبههما صلى الله عليه وآله وسلم بها . ثم يقدرهما الله تعالى : على النطق بالحجة . قال الشوكاني : وذلك غير مستبعد من قدرة القادر القوي ، الذي يقول للشيء : «كن ، فيكون » .

وفي الباب : أحاديث كثيرة ، طيبة .

(اقرأوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها : بركة . وتركها : حسرة . ولا تستطيعها : البطلة . قال معاوية : بلغني أن البطلة : السحرة ) .

[ ص: 567 ] «والبطلة » : بفتح الباء ، والطاء ، واللام . يقال : «أبطل » إذا جاء بالباطل . وقيل : هم الشجعان من أهل الباطل .

وعلى كل حال ؛ إذا لم يستطعها أهل الباطل ، فقد استطاعها : أهل الحق ، وهم التالون لكتاب الله .

وفي حديث « أبي سعيد » عند الترمذي : «من شغله القرآن عن ذكري ، ومسألتي : أعطيته أفضل مما أعطي السائلين . وفضل كلام الله على سائر الكلام : فضل الله على خلقه » .

والحديث دليل : على أن المشتغل بالقرآن - تلاوة ، وتفكرا وقاريه ليلا ونهارا : يجازيه الله : بأفضل جزاء ، ويثيبه : بأعظم إثابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية