السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1343 باب فضل آية الكرسي

وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب فضل سورة الكهف ، وآية الكرسي ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 93 ج6 ، المطبعة المصرية

[ ص: 568 ] (عن أبي بن كعب ؛ قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : يا أبا المنذر ! أتدري أي آية -من كتاب الله- معك : أعظم ؟ » . قال : قلت : الله ورسوله أعلم .

قال : يا أبا المنذر ! أتدري أي آية -من كتاب الله- معك : أعظم ؟ » .

قال : قلت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم

قال : فضرب في صدري ، وقال : «والله ! ليهنك العلم ، أبا المنذر ! » ) .

(الشرح)

(عن أبي بن كعب ) رضي الله عنه ؛ (قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «يا أبا المنذر ! أتدري أي آية - من كتاب الله - معك : أعظم ؟ » قلت : الله ورسوله أعلم . قال : «يا أبا المنذر ! أتدري أي آية - من كتاب الله - معك : أعظم ؟ » قال : قلت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) .

قال عياض : فيه حجة للقول : بجواز تفضيل بعض القرآن على بعض ، وتفضيله على سائر كتب الله تعالى .

قال : وفيه خلاف للعلماء ؛ فمنع منه : أبو الحسن الأشعري ، [ ص: 569 ] وأبو بكر الباقلاني ، وجماعة من الفقهاء والعلماء . لأن تفضيل بعضه ، يقتضي : نقص المفضول . وليس في كلام الله نقص . وتأول هؤلاء ما ورد : من إطلاق «أعظم » و «أفضل » ، - في بعض الآيات والسور - بمعنى : عظيم ، وفاضل .

وأجاز ذلك إسحاق بن راهويه ، وغيره : من العلماء ، والمتكلمين ؛ قالوا : وهو راجع إلى عظم قارئ ذلك ، وجزيل ثوابه .

قال النووي : والمختار : جواز قول هذه الآية ، أو السورة : أعظم وأفضل . بمعنى أن الثواب المتعلق بها : أكثر . وهو معنى الحديث . والله أعلم . انتهى .

وأقول : لا شك أن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : تكلم بلفظة «أعظم ، وأفضل » في حق بعض الآي والسور . فما لنا ، والاحتراز من النطق به ؟ وكون بعضها ، أعظم وأفضل من بعض آخر : لا يستلزم نقصه . وإنما المراد : أن هذا أفضل ، وذاك مفضول . وهو أعظم ، وهذا عظيم . والله أعلم .

قال العلماء : إنما تميزت آية الكرسي «بكونها أعظم » : لما جمعت من أصول الأسماء والصفات : من الإلهية ، والوحدانية ، والحياة ، والعلم ، والملك ، والقدرة ، والإرادة . وهذه السبعة : أصول الأسماء الحسنى ، والصفات العليا .

[ ص: 570 ] قال الشوكاني : وفي الحديث : دليل على أن آية الكرسي «أعظم آية في القرآن » . وقد ثبت في الصحيح : أنه «لا يقرب قاريها : شيطان » كما في حديث أبي هريرة ، وأبي أيوب . وكلاهما في الصحيح ، في قصة الشيطان ، الذي جاء يسرق التمر .

[ ص: 571 ] وفي حديث « أبي هريرة » عند ابن حبان ، وصححه ؛ يرفعه : « لكل شيء سنام ؛ وإن سنام القرآن : سورة البقرة ؛ فيها آية ، هي سيدة آي القرآن . وأخرجه « الترمذي » من هذا الوجه - بهذا اللفظ - وقال : غريب . وأخرجه الحاكم «أيضا » من حديثه ؛ بلفظ : « سورة البقرة ، فيها آية سيدة آي القرآن ، ولا تقرأ في بيت - وفيه شيطان - إلا خرج منه : آية الكرسي » . وقال : صحيح الإسناد .

قال الشوكاني : وفي إثبات السيادة لهذه الآية على جميع آيات [ ص: 572 ] القرآن : شرف عظيم ؛ فإن سيد القوم ، لا يكون إلا : أشرفهم خصالا ، وأكملهم حالا ، وأكثرهم جلالا . انتهى . وفي فضائلها أحاديث أخرى ، ذكرها في «تحفة الذاكرين » .

(قال : فضرب في صدري ، وقال : «ليهنك العلم ، يا أبا المنذر ! ) .

فيه : منقبة عظيمة « لأبي بن كعب » ، ودليل على كثرة علمه .

وفيه : تبجيل العالم : فضلاء أصحابه ، وتكريمهم . وجواز : مدح الإنسان في وجهه - إذا كان فيه مصلحة - ولم يخف عليه : إعجاب ونحوه ، لكمال نفسه ، ورسوخه في التقوى .

التالي السابق


الخدمات العلمية