السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1348 باب فضل قراءة المعوذتين

ومثله في النووي ، في الجزء الثاني .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 96 ج6 ، المطبعة المصرية

(عن عقبة بن عامر ؛ قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «ألم تر آيات ، أنزلت -الليلة- ، لم ير مثلهن ، قط ؟ قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس » ) .


(الشرح)

(عن عقبة بن عامر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : « ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة ، لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس » ) .

[ ص: 581 ] قال النووي : فيه بيان عظم فضل هاتين السورتين . وقد سبق -قريبا- الخلاف في إطلاق تفضيل بعض القرآن على بعض .

وفيه : دليل واضح : على كونهما من القرآن ، ورد على من نسب إلى « ابن مسعود » : خلاف هذا .

وفيه : أن لفظة «قل » : من القرآن ثابتة ، من أول السورتين ، بعد البسملة . وقد أجمعت الأمة على هذا كله . انتهى .

وقد ورد في فضل هاتين السورتين - أحاديث ، ذكرها في «تحفة الذاكرين » ؛ وفي بعضها : عن عقبة - عند أبي داود ، والنسائي - بلفظ : ألا أعلمك خير سورتين ؟ .

[ ص: 582 ] قال الشوكاني : فيه دليل على مزيد فضلهما . ولا تعارض بين هذا ، وبين ما ورد فيه مثل ذلك : من السور والآيات . بل ينبغي : أن يحمل ما ورد تفضيله على أنه فاضل على ما عدا ما قد وقع تفضيله : بدليل آخر . فالتفضيل من هذه الحيثية «إضافي ، لا حقيقي » . وهذا شيء حسن . فإن منع من ذلك مانع ؛ فالمرجع : الترجيح بين الأدلة القاضية بالتفضيل .

قال : وقد كان « عبد الله بن مسعود » ، لا يثبت هاتين السورتين «في مصحفه » ، كما رواه «عبد الله بن أحمد » (في المسند ) ، والطبراني : [ ص: 583 ] عن « عبد الرحمن بن يزيد النخعي » ؛ قال : كان عبد الله بن مسعود ؛ يحك المعوذتين من مصاحفه ، ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله ، تعالى . ورجال إسناد « عبد الله بن أحمد » : رجال الصحيح . ورجال إسناد الطبراني : ثقات . وهكذا أخرج البزار (في مسنده ) : «أن ابن مسعود ، كان يحك المعوذتين من المصحف ، ويقول : إنما أمر النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم : أن يتعوذ بهما . وكان عبد الله ، لا يقرأ بهما » . ورجال إسناده : ثقات . وهكذا أخرجه الطبراني : بإسناد ، رجاله ثقات .

قال البزار : لم يتابع « عبد الله بن مسعود » : أحد من الصحابة . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أنه قرأهما في الصلاة ، وأثبتتا في المصحف . انتهى .

قال : قلت : وقد تقدم أن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ؛ قال فيهما : «إنهما خير سورتين » . وقد تقدم أمره : بالقراءة بهما . وهذا خاصة من خواص القرآن . وتقدم أيضا : «أن من قرأ بهما » ، فكأنما قرأ جميع ما أنزل على محمد ، صلى الله عليه وآله وسلم » .

وأجمع على ذلك : الصحابة ، وجميع أهل الإسلام ، «طبقة بعد طبقة » . والصحابي بشر . وليس قوله حجة ، في مثل هذا . على فرض [ ص: 584 ] عدم مخالفته لما ثبت عن الشارع ، فكيف وقد خالف ههنا : السنة الثابتة ، والإجماع المعلوم ؟ انتهى كلام الشوكاني .

وقد عرفت بهذا : أن قول النووي - المتقدم - بلفظ : وفيه رد على من نسب إلى « ابن مسعود » خلاف هذا . انتهى : ليس كما ينبغي . فإن الخلاف عنه «رضي الله عنه » : ثابت بما حكاه الشوكاني رحمه الله قريبا . والجواب عن هذا الخلاف : الجواب المتقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية