السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1329 باب في الماهر بالقرآن والذي يشتد عليه

وهو في النووي ، في : (الباب المتقدم ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 84 ج 6 ، المطبعة المصرية

عن عائشة ؛ قالت : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «الماهر بالقرآن : مع السفرة الكرام البررة .

والذي يقرأ القرآن ، ويتتعتع فيه -وهو عليه شاق- : له أجران » ) .



(الشرح)

(عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «الماهر بالقرآن : مع السفرة الكرام البررة . والذي يقرأ القرآن ، ويتتعتع فيه - وهو عليه شاق - : له أجران » ) .

[ ص: 592 ] وفي رواية أخرى : «وهو يشتد عليه ، له أجران » .

قال النووي : «السفرة » جمع «سافر » : ككاتب ، وكتبة . «والسافر » : الرسول . «والسفرة » : الرسل ؛ لأنهم يسفرون إلى الناس : برسالات الله . وقيل : «السفرة » : الكتبة .

«والبررة » : المطيعون . من البر ، وهو الطاعة .

«والماهر » : الحاذق ، الكامل الحفظ ، الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة : لجودة حفظه ، وإتقانه .

قال عياض : يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة : أن له في الآخرة منازل ، يكون فيها رفيقا للملائكة السفرة ، لاتصافه بصفتهم : من حمل كتاب الله تعالى .

قال : ويحتمل : أن يراد أنه عامل بعملهم ، وسالك مسلكهم .

وأما الذي يتتعتع فيه : فهو الذي يتردد في تلاوته ، ولضعف حفظه .

فله أجران ؛ أجر بالقراءة ، وأجر بتتعتعه في تلاوته ، ومشقته .

قال عياض ، وغيره من العلماء : وليس معناه الذي يتتعتع عليه : له من الأجر أكثر من الماهر به . بل الماهر أفضل ، وأكثر أجرا ؛ لأنه مع السفرة ، وله أجور كثيرة . ولم يذكر هذه المنزلة لغيره : وكيف يلحق به : «من لم [ ص: 593 ] يعتن : بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه ، وكثرة تلاوته ، وروايته » كاعتنائه ، حتى مهر فيه ؟ . والله أعلم . انتهى .

قلت : «وحديث الباب هذا » : أخرجه أيضا البخاري ، وأهل السنن .

قال الشوكاني : «التتعتع » هو التردد في قراءته ، لضعف حفظه ، أو لثقل لسانه . فهذا يعطى أجرين ؛ أحدهما : بالقراءة ، والآخر : بالمشقة الحاصلة عليه ، من التردد في التلاوة .

وأما الماهر : فأجره عظيم ، صار به مع الملائكة المقربين . وذلك أجر لا يشبهه أجر ، ورتبة لا تماثلها رتبة . انتهى .

وهذا مثل ما تقدم من النووي ، «رحمه الله تعالى » .

التالي السابق


الخدمات العلمية