السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1350 باب : لا حسد إلا في اثنين

وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب فضل : من يقوم بالقرآن ، ويعلمه . وفضل : من تعلم حكمه : من فقه أو غيره ، فعمل بها وعلمها ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 97 ج6 ، المطبعة المصرية

(عن سالم عن أبيه ؛ عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ؛ قال : «لا [ ص: 599 ] حسد إلا في اثنتين ؛ رجل آتاه الله : القرآن ، فهو يقوم به آناء الليل ، وآناء النهار .

ورجل آتاه الله : مالا ، فهو ينفقه آناء الليل ، وآناء النهار » ) .



(الشرح)

(عن سالم عن أبيه ) ، رضي الله عنهما ؛ (عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : لا حسد إلا في اثنين ؛ رجل آتاه الله : القرآن ؛ فهو يقوم به آناء الليل ، وآناء النهار ) أي : ساعاته . وواحده : «الآن » ، «وأناء ، وإنى ، وأنى ، وإنو » أربع لغات .

(ورجل آتاه الله : مالا ، فهو ينفقه آناء الليل ، وآناء النهار ) .

المراد بالحديث : أن لا غبطة محبوبة ، إلا في هاتين الخصلتين ، وما في معناهما .

قال النووي : قال العلماء : الحسد قسمان «حقيقي ومجازي » ؛ «فالحقيقي » : تمني زوال النعمة عن صاحبها . وهذا حرام بإجماع الأمة ، مع النصوص الصحيحة .

[ ص: 600 ] وأما «المجازي » ؛ فهو الغبطة . وهو أن يتمنى : مثل النعمة التي على غيره ، من غير زوالها عن صاحبها . فإن كانت من أمور الدنيا : كانت مباحة . وإن كانت طاعة : فهي مستحبة .

وفي رواية أخرى ، بلفظ : «لا حسد إلا على اثنين : رجل آتاه الله هذا الكتاب ، فقام به آناء الليل والنهار . ورجل أعطاه الله مالا ، فتصدق به : آناء الليل وآناء النهار » .

وفي رواية ، عن ابن مسعود ؛ عند مسلم أيضا ، يرفعه : «لا حسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله مالا ، فسلطه على هلكته : في الحق . ورجل آتاه الله حكمة : فهو يقضي بها ، ويعلمها » .

قلت : يحتمل أن المراد بالحكمة هنا : «القرآن » ، لدلالة الأحاديث السابقة على ذلك . ويحتمل أن المراد بها : السنة المطهرة . فقد استعملت هذه اللفظة كثيرا : مقام لفظ السنة ، في القرآن وفي الحديث . ويدخل فيه «الكتاب العزيز » دخولا أوليا ، لأنه حكمة إلهية . فتحصل : أن لا حسد إلا على من يتلو القرآن ، ويقضي بالسنة .

ولفظ «التلاوة ، والقيام بالقرآن ، والقضاء بالسنة وتعليمها » ، يشمل : كل حسنة وفضيلة . ودخل فيهما : العلم ، والعمل . وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية