السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1331 باب قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم القرآن على غيره

وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب استحباب قراءة القرآن : على أهل الفضل والحذاق فيه ، وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 85 ج6 ، المطبعة المصرية

عن أنس ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب : «إن الله أمرني أن أقرأ عليك : لم يكن الذين كفروا » . قال : وسماني لك ؟ قال : «نعم » . قال : فبكى ) .


(الشرح)

(عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه ، (أن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ؛ قال لأبي بن كعب : «إن الله عز وجل أمرني أن [ ص: 621 ] أقرأ عليك : لم يكن الذين كفروا » . قال : وسماني ؟ قال : «نعم » قال : فبكى ) .

وفي رواية :( قال لأبي : «إن الله عز وجل ، أمرني أن أقرأ عليك » . قال : الله سماني لك ؟ قال : «الله سماك لي » . فجعل أبي يبكي ).

وفي هذه الأحاديث : فوائد كثيرة ؛

منها : استحباب قراءة القرآن على الحذاق فيه ، وأهل العلم به والفضل . وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه .

ومنها : المنقبة الشريفة لأبي «بقراءة النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم » ، عليه . ولا يعلم أحد من الناس : شاركه في هذا .

ومنها : منقبة أخرى له : بذكر الله له ، ونصه عليه في هذه المنزلة الرفيعة .

ومنها : البكاء للسرور والفرح مما يبشر الإنسان به ، ويعطاه : من معالي الأمور .

وأما قوله : «آلله سماني لك ؟ » فيه : أنه يجوز أن يكون الله تعالى أمر النبي يقرأ على رجل من أمته ، ولم ينص على أبي . فأراد «أبي » أن يتحقق : هل نص عليه ، أو قال على رجل ؟ فيؤخذ منه : الاستثبات في [ ص: 622 ] المحتملات . واختلفوا في الحكمة في قراءته ، صلى الله عليه وآله وسلم ، على أبي ؛ والمختار أن سببها : أن تستن الأمة بذلك ، في القراءة على أهل الإتقان والفضل . ويتعلموا آداب القراءة ، ولا يأنف أحد من ذلك .

وقيل : للتنبيه على جلالة أبي ، وأهليته : لأخذ القرآن عنه . وكان -بعده صلى الله عليه وآله وسلم - رأسا وإماما في إقراء القرآن ، وهو أجل ناشرته ، أو من أجلهم . ويتضمن : معجزة لرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم .

وأما تخصيص هذه السورة : فلأنها وجيزة ، جامعة لقواعد كثيرة «من أصول الدين ، وفروعه ، ومهماته ، والإخلاص ، وتطهير القلوب » . وكان الوقت يقتضي الاختصار . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية