السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
682 باب قراءة النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم : القرآن على الجن

وقال النووي - في الجزء الثاني - : (باب الجهر بالقراءة في الصبح ، والقراءة على الجن ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 168 - 170 ج4 ، المطبعة المصرية

[ ص: 623 ] (عن داود عن عامر ؛ قال : سألت علقمة : هل كان ابن مسعود شهد -مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن ؟

قال : فقال علقمة : أنا سألت ابن مسعود ؛ فقلت : هل شهد أحد منكم -مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن ؟ قال : لا . ولكنا كنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم -ذات ليلة- ففقدناه ، -فالتمسناه في الأودية ، والشعاب- ، فقلنا : استطير ، أو اغتيل .

قال : فبتنا بشر ليلة ، بات بها قوم .

فلما أصبحنا ، إذا هو جاء من قبل حراء . قال : فقلنا : يا رسول الله ! فقدناك ، فطلبناك ، فلم نجدك : فبتنا بشر ليلة ، بات بها قوم . فقال :
«أتاني داعي الجن ، فذهبت معه ، فقرأت عليهم القرآن » .

قال : فانطلق بنا ، فأرانا آثارهم ، وآثار نيرانهم .

وسألوه : الزاد ، فقال : «لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ، يقع في أيديكم -أوفر ما يكون لحما- ، وكل بعرة : علف لدوابكم » . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «فلا تستنجوا بهما ، فإنهما طعام إخوانكم » ) .



(الشرح)

(عن عامر ، هو الشعبي . قال : سألت ، علقمة : هل كان « ابن مسعود » شهد مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، ليلة [ ص: 624 ] الجن ؟ قال : فقال علقمة : أنا سألت « ابن مسعود » ، فقلت : هل شهد أحد منكم - مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - ليلة الجن ؟ قال : لا ) .

قال النووي : هذا صريح في إبطال الحديث ، المروي في «سنن أبي داود » وغيره . المذكور فيه : الوضوء بالنبيذ ، وحضور ابن مسعود معه ، صلى الله عليه وآله وسلم «ليلة الجن » . فإن هذا الحديث : صحيح . وحديث النبيذ : ضعيف باتفاق المحدثين . ومداره على زيد «مولى عمرو بن حريث » وهو مجهول .

(ولكنا كنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - ذات ليلة - ففقدناه ، فالتمسناه في الأودية والشعاب ، فقلنا : استطير ، أو اغتيل ) أي : طارت به الجن ، أو قتل سرا . «والغيلة » بكسر الغين : هي القتل في خفية .

(قال : فبتنا بشر ليلة ، بات بها قوم . فلما أصبحنا ، إذا هو جاء من قبل حراء . قال : فقلنا : يا رسول الله ! فقدناك فطلبناك فلم نجدك ، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم . فقال : «أتاني داعي الجن ، فذهبت معه ، فقرأت عليهم القرآن » ) . هذا «موضع الترجمة » ، من الباب .

(قال : فانطلق بنا ، فأرانا آثارهم ، وآثار نيرانهم ) .

قال الدارقطني : انتهى حديث « ابن مسعود » ، عند قوله : «نيرانهم » .

[ ص: 625 ] وما بعده : من قول الشعبي . كذا رواه أصحاب «داود » الراوي : عن الشعبي ، وابن علية ، وابن زريع ، وابن أبي زائدة ، وابن إدريس ، وغيرهم . هكذا قاله الدارقطني ، وغيره .

ومعنى قوله : «إنه من كلام الشعبي » : أنه ليس مرويا عن « ابن مسعود » بهذا الحديث ، وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام : إلا بتوقيف عن النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم . والله أعلم .

(وسألوه : الزاد ، فقال : لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ) . قال بعض العلماء : هذا لمؤمنيهم . وأما غيرهم ، فجاء في حديث آخر : أن طعامهم : «ما لم يذكر اسم الله عليه » .

(يقع في أيديكم - أوفر ما يكون لحما - . وكل بعرة : علف لدوابكم . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «فلا تستنجوا بهما ، فإنهما طعام إخوانكم » ) .

وفي رواية أخرى ؛ (عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : «لم أكن - ليلة الجن - مع النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، ووددت : أني كنت معه » ) .

وفيه : الحرص على مصاحبة أهل الفضل في أسفارهم ، ومهماتهم ، ومشاهدهم ، ومجالسهم : «مطلقا » والتأسف على فوات ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية