السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4819 (باب منه )

وهو في النووي ، في : (الباب المتقدم ) .

[ ص: 634 ] (حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 218 ، 219 ج 16 ، المطبعة المصرية

(عن جندب بن عبد الله البجلي ، رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : «اقرءوا القرآن : ما ائتلفت عليه قلوبكم . فإذا اختلفتم فيه : فقوموا » ) .


(الشرح)

(عن جندب بن عبد الله البجلي ) ، رضي الله عنه ، (قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : « اقرأوا القرآن : ما ائتلفت عليه قلوبكم . فإذا اختلفتم فيه : فقوموا » ) .

قال النووي : الأمر بالقيام - عند الاختلاف في القرآن - محمول عند العلماء : على اختلاف لا يجوز ، أو اختلاف يوقع فيما لا يجوز : كاختلاف في نفس القرآن ، أو في معنى منه : لا يسوغ فيه الاجتهاد ، أو اختلاف يوقع في شك ، أو شبهة ، أو فتنة وخصومة ، أو شجار ، ونحو ذلك .

وأما الاختلاف : في استنباط فروع الدين منه ، ومناظرة أهل العلم في ذلك - على سبيل الفائدة ، وإظهار الحق ، واختلافهم في ذلك - : فليس منهيا عنه ، بل هو مأمور به ، وفضيلة ظاهرة . وقد أجمع المسلمون على هذا : من عهد الصحابة إلى الآن . انتهى .

[ ص: 635 ] قلت : ومن الاختلاف في القرآن ، المنهي عنه : اتباع متشابهات الكتاب . ومثله : السنة المطهرة ، فإنها تلو القرآن . « وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .

وأكثر الناس ابتلاء في هذا : أصحاب الرأي ، وأصحاب الكلام ، وأهل البدع والمحدثات (من الصوفية ، والباطنية ، وغيرهم )؛ اختلفوا فيه اختلافا كثيرا وجاءوا بتأويلات ركيكة ، وتوجيهات سخيفة ، واحتمالات بعيدة ، صرفوا بها : ظاهر القرآن عن معناه الشرعي واللغوي ، اللذين عليهما : مدار الاستنباط ، والأحكام ، والعقائد ، وغيرها «حماية للمذاهب ، ووقاية للمشارب » ، وخبطوا خبط العشواء ، وعلى نفسها براقش تجني ؛ فحملوا آيات الصفات على غير المعنى المراد ، وأولوها بما يؤدي إلى تعطيلها . وكذلك أحاديث الصفات . وقالوا فيهما بالرأي ، وقد نهوا عنه . وتركوا طريقة السلف في إجرائها على ظاهرها : بلا تكييف ، ولا تأويل ، ولا تمثيل ، ولا تعطيل .

وزعموا : أن الحق فيما قالوه - وهم عن الحق وإيثاره على الباطل : بمراحل بعيدة - وتمسكوا بتقليد الرجال ، ووقعوا في شباك القيل والقال . وهلكوا كما هلك من قبلهم من أهل الكتاب .

ويؤيده حديث « أبي سعيد الخدري » عند مسلم يرفعه ؛ بلفظ :( « لتتبعن سنن الذين من قبلكم : شبرا بشبر ، وذراعا بذراع . حتى لو دخلوا في جحر ضب : لاتبعتموهم » . قلنا : يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ [ ص: 636 ] قال : «فمن » ). إلى غير ذلك : من الأحاديث الواردة في هذه الأبواب . فكأن هذا الحديث : علم من أعلام النبوة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية