السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5069 باب في قوله تعالى : « ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون

وهو في النووي ، في : (كتاب الجنة ، وصفة نعيمها ، وأهلها ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 175 ج 17 ، المطبعة المصرية

(عن أبي سعيد الخدري ، ، وأبي هريرة ؛ عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : «ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبدا .

فذلك قوله عز وجل : ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) .



(الشرح) (عن أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ) رضي الله عنهما ؛ (عن النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ؛ قال : ينادي مناد : إن لكم أن [ ص: 691 ] تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا ) أي : يدوم لكم النعيم (فلا تبأسوا أبدا ) أي : لا يصيبكم بأس . وهو شدة الحال .

والبأس ، والبؤس ، والبأساء ، والبؤساء : بمعنى .

(فذلك قوله عز وجل : ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) .

قال النووي - في هذا الحديث وغيره - : إن نعيم الجنة دائم ، لا انقطاع له أبدا . انتهى .

وفي(فتح البيان ): وقع النداء لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فقيل لهم ذلك .

والمنادي : هو الله . وقيل : الملائكة .

وقيل : هذا النداء يكون في الجنة .

ومعنى «أورثتموها » : أعطيتموها بدلا من أهل النار . وهو حال [ ص: 692 ] من الجنة . وسماها «ميراثا » : لأنها لا تستحق بالعمل ، بل هي محض فضل الله ، وعده على الطاعات : كالميراث من الميت ليس بعوض عن شيء ، بل هو صلة خالصة ، حصلت لكم بلا تعب ، «بما كنتم تعملون » أي : أورثتم منازلها بعملكم .

قال في الكشاف : بسبب أعمالكم ، لا بالتفضل كما تقول المبطلة (يعني أهل السنة ). انتهى .

وأقول : يا مسكين ! هذا قاله رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فيما صح عنه : «سددوا وقاربوا ، واعلموا أنه لا يدخل أحد الجنة بعمله » قالوا : ولا أنت ؟ يا رسول الله ! قال : «ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته » .

والتصريح بسبب لا يستلزم نفي سبب آخر . ولولا التفضل من الله سبحانه وتعالى على العامل : بإقداره على العمل : لم يكن عمل أصلا .

فلو لم يكن التفضل إلا بهذا الإقدار : لكان القائلون به محقة لا مبطلة . وفي التنزيل : ذلك الفضل من الله . وفيه : [ ص: 693 ] فسيدخلهم في رحمة منه وفضل .

وفي فتح الباري : المنفي في الحديث : دخولها بالعمل المجرد عن القبول . والمثبت في الآية : دخولها بالعمل المتقبل ، والقبول إنما يحصل من الله تفضلا .

وقال القرطبي : وبالجملة ؛ فالجنة ومنازلها ، لا تنال إلا برحمته . فإذا دخلوها بأعمالهم : فقد ورثوها برحمته ، إذ أعمالهم رحمة منه لهم ، وتفضل منه عليهم . انتهى كلام (فتح البيان ) .


فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم     ولكننا سبي العدو فهل لنا
نعود إلى أوطاننا ونسلم ؟



اللهم ! تفضل علينا برحمتك ، واجعل آخر أعمارنا خيرا من أولها .

التالي السابق


الخدمات العلمية