السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4964 سورة هود : باب في قوله تعالى : « إن الحسنات يذهبن السيئات

ولفظ النووي : (باب قوله تعالى : إن الحسنات . . إلخ ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 80 ج 17 ، المطبعة المصرية

(عن عبد الله ؛ قال : جاء رجل إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! إني عالجت امرأة في أقصى المدينة ، وإني أصبت منها : ما دون أن أمسها .

فأنا هذا ، فاقض في ما شئت .

فقال له عمر : لقد سترك الله ، لو سترت نفسك .

قال : فلم يرد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، شيئا . فقام الرجل ، فانطلق ، فأتبعه النبي ، صلى الله عليه وسلم : رجلا ، دعاه .
وتلا عليه هذه الآية : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين .

[ ص: 701 ] فقال رجل من القوم : يا نبي ! الله هذا له خاصة ؟

قال : «بل للناس كافة » ) .



(الشرح)

(عن عبد الله بن مسعود ) رضي الله عنه ؛ (قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فقال : يا رسول الله ! إني عالجت امرأة في أقصى المدينة ، وإني أصبت منها : ما دون أن أمسها ) أي : أتناولها ، وأستمتع بها .

والمراد بالمس : الجماع . ومعناه : استمتعت بها : بالقبلة والمعانقة ، وغيرهما من جميع أنواع الاستمتاع ، إلا الجماع .

(وأنا هذا ، فاقض في بما شئت . فقال له عمر : لقد سترك الله ، لو سترت نفسك . قال : فلم يرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، شيئا . فقام الرجل ، فانطلق . فأتبعه النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم : رجلا دعاه . وتلا عليه هذه الآية : أقم الصلاة طرفي النهار ) وهما الفجر والظهر . وقيل : الصبح والمغرب . وقيل : الظهر والعصر . وقيل : الفجر والظهر والعصر جميعا .

[ ص: 702 ] ورجح « ابن جرير » : أنهما الصبح والمغرب .

قال الرازي : كثرت المذاهب ، في تفسير طرفي النهار . والأشهر : أنهما الفجر والعصر . وصلاة المغرب داخلة تحت قوله : (وزلفا من الليل ) .

«والزلف » : الساعات القريبة ؛ بعضها من بعض . قال الأخفش : هي صلاة الليل .

وقال ابن عباس : صلاة العتمة .

وقال الحسن : صلاة المغرب ، وصلاة العشاء .

(إن الحسنات ) أي : الواجبة ، والمندوبة ، وغيرها على العموم . ومن جملتها ، بل عمادها : الصلوات الخمس . قاله ابن مسعود . وزاد ابن عباس : والباقيات الصالحات : (يذهبن السيئات ) على العموم .

وقيل المراد بها : الصغائر . أي : يكفرنها ، حتى كأنها لم تكن .

(ذلك ذكرى للذاكرين ) أي : موعظة للمتعظين . قال الحسن : هم الذين يذكرون الله ، في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ، والعافية والبلاء .

(فقال رجل من القوم : يا نبي الله ! هذا له خاصة ؟ قال : «بل للناس كافة » ) .

وفي رواية أخرى عند أهل السنن ؛ قال : «هي لمن عمل بها ، من أمتي » .

[ ص: 703 ] وفي الباب : أحاديث كثيرة ، بألفاظ مختلفة .

قال النووي : هذا تصريح بأن الحسنات تكفر السيئات . واختلفوا في المراد بالحسنات هنا ؛ فنقل الثعالبي : أن أكثر المفسرين على أنها : الصلوات الخمس ، واختاره « ابن جرير » ، وغيره من الأئمة .

وقال مجاهد : هي قول العبد : «سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر » . .

ويحتمل أن المراد بالحسنات : الحسنات مطلقا .

قال : وقد سبق في (كتاب الطهارة والصلاة ): ما يكفر المعاصي : بالصلاة وسبق في مواضع .

قال : وزلف الليل : هي ساعته .

ويدخل في صلاة طرفي النهار : الصبح ، والظهر ، والعصر .

وفي «زلفا من الليل » : المغرب ، والعشاء .

قال : وهكذا تستعمل «كافة » حالا . أي : كلهم . ولا يضاف ؛ فيقال : «كافة الناس » ، ولا «الكافة » بالألف واللام . وهو معدود في تصحيف العوام ، ومن أشبههم . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية