السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3373 سورة الفتح : باب في قوله تعالى : « وهو الذي كف أيديهم عنكم

وهو في النووي ، في الجزء الرابع ، في : (باب قول الله تعالى : وهو الذي . . إلخ ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 187 ج 12 ، المطبعة المصرية

(عن أنس بن مالك ؛ أن ثمانين رجلا -من أهل مكة- هبطوا على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : من جبل التنعيم ، متسلحين -يريدون : غرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه- فأخذهم سلما ، فاستحياهم . فأنزل الله عز وجل : وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ) .


[ ص: 791 ] (الشرح)

(عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه : (أن ثمانين رجلا من أهل مكة ، هبطوا على رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - من جبل التنعيم - متسلحين ، يريدون : غرة النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وأصحابه . فأخذهم سلما ) : ضبطوه بوجهين ؛

أحدهما : بفتح السين واللام .

والثاني : بإسكان اللام ، مع كسر السين وفتحها .

قال الحميدي : ومعناه «الصلح » .

قال القاضي (في المشارق ) : هكذا ضبطه الأكثرون .

قال (فيه ، وفي الشرح ) : الرواية الأولى أظهر . ومعناه : أسرهم . «والسلم » : الأسر . وجزم الخطابي : بفتح اللام والسين . قال : والمراد به : الاستسلام ، والإذعان . كقوله تعالى : وألقوا إليكم السلم ، أي الانقياد . وهو مصدر (يقع على الواحد ، والاثنين ، والجمع ) قال ابن الأثير : هذا هو الأشبه بالقصة ، فإنهم لم يؤخذوا صلحا ، وإنما أخذوا قهرا ، وأسلموا أنفسهم عجزا .

قال : وللقول الآخر وجه ؛ وهو أنه لما لم يجر معهم قتال ، بل [ ص: 792 ] عجزوا عن دفعهم والنجاة منهم : (فرضوا بالأسر ) ، فكأنهم قد صولحوا على ذلك . والله أعلم .

(فاستحياهم . فأنزل الله عز وجل : وهو الذي كف أيديهم عنكم ، وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ) .

قال في (فتح البيان )- في معنى الآية - : كف أيدي المشركين عن المسلمين ، وأيدي المسلمين عن المشركين : (لما جاءوا يصدون رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن معه : عن البيت ، عام الحديبية . وهي المراد بقوله : «ببطن مكة » ، لأن أكثرها من الحرم ) بعد أن أقدركم ، وسلطكم عليهم .

روي أن «عكرمة بن أبي جهل » ، خرج في خمسمائة ، فبعث رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : من هزمه ، وأدخله حيطان مكة .

وعن ابن عباس : أظهر الله المسلمين عليهم بالحجارة ، حتى أدخلوهم البيوت .

وقيل : المعنى : هو الذي قضى - بينكم وبينهم - المكافة والمحاجزة ، بعدما خولكم : الظفر عليهم ، والغلبة . وذلك «يوم الفتح » وبه استشهد أبو حنيفة رحمه الله : على أن مكة فتحت عنوة ، لا صلحا . والمراد - على هذا - ببطن مكة : مكة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية