السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5085 سورة ق : باب في قوله عز وجل : يوم نقول لجهنم هل [ ص: 796 ] امتلأت وتقول هل من مزيد

وهو في النووي ، في (باب جهنم ، أعاذنا الله منها : بفضله وكرمه ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 184 ج 17 ، المطبعة المصرية

قال الإمام مسلم : (حدثنا محمد بن عبد الله الرزي ؛ حدثنا عبد الوهاب بن عطاء -في قوله عز وجل :

يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ؟- ؛ فأخبرنا عن سعيد ؛ عن قتادة ؛ عن أنس بن مالك ؛ عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال : «لا تزال جهنم يلقى فيها ، وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها : قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، وتقول : قط ، قط ، بعزتك ، وكرمك !

ولا يزال في الجنة فضل ، حتى ينشئ الله لها : خلقا ، فيسكنهم فضل الجنة » ) .



(الشرح)

(عن عبد الوهاب بن عطاء - في قوله عز وجل : يوم نقول لجهنم : هل امتلأت ؟ وتقول : هل من مزيد ؟ - ) .

قال الزمخشري : هذا الكلام على طريقة : التمثيل والتخييل ، ولا سؤال ولا جواب . انتهى .

وهذا من أنفاسه الاعتزالية . والأولى أنه على طريقة التحقيق . ولا يمنع من ذلك : عقل ، ولا شرع .

قال الكرخي : جعل الزمخشري هذا من باب المجاز : مردود ، لما ورد : «تحاجت الجنة والنار » ، «واشتكت النار إلى ربها » . ولا مانع [ ص: 797 ] من ذلك ، فقد سبح الحصى ، وسلم الحجر على النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم . ولو فتح باب المجاز فيه : لاتسع الخرق .

وقال النسفي : هذا على تحقيق القول من جهنم ، وهو غير مستنكر : كإنطاق الجوارح ، والسؤال : لتوبيخ الكفار ، لعلمه تعالى : أنها قد امتلأت أم لا .

(فأخبرنا عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ أنه قال : « لا تزال جهنم يلقى فيها ، وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها : قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، وتقول : قط . قط . بعزتك وكرمك ! ولا يزال في الجنة فضل ، حتى ينشئ الله لها : خلقا فيسكنهم فضل الجنة » ) .

فيه : بيان صفة الله ، (وهي وضع القدم في النار ) .

قال في (فتح البيان ) : مذهب جمهور السلف فيها : الإيمان بها ، من غير تأويل ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تحريف ، ولا تمثيل . وإمرارها على ظاهرها - وهذا هو الحق ، الذي لا محيد عنه - انتهى .

[ ص: 798 ] وفيه : دليل لأهل السنة ، على أن الثواب ليس متوقفا على الأعمال ، فإن هؤلاء يخلقون حينئذ ، ويعطون في الجنة ما يعطون : بغير عمل . ومثله : أمر الأطفال والمجانين ، الذين لم يعملوا طاعة قط . فكلهم في الجنة : برحمة الله تعالى وفضله .

وفي هذا الحديث : دليل على عظم سعة الجنة ؛ فقد جاء في الصحيح : « أن للواحد فيها : مثل الدنيا وعشرة أمثالها ، ثم يبقى فيها شيء لخلق ينشئهم الله تعالى » .

التالي السابق


الخدمات العلمية