السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3355 سورة والضحى ، باب في قوله تعالى : ما ودعك ربك وما قلى

وهو في النووي ، في الجزء الرابع ، في (باب ما لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من أذى المشركين ، والمنافقين ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 156 ج 12 ، المطبعة المصرية

(عن الأسود بن قيس ؛ قال : سمعت جندب بن سفيان ، يقول : اشتكى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فلم يقم ليلتين ، أو ثلاثا : فجاءته امرأة ، فقالت : يا محمد ! إني لأرجو أن يكون شيطانك ، قد تركك ؛ لم أره قربك منذ ليلتين ، أو ثلاث . قال : فأنزل الله عز وجل : والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) .


[ ص: 830 ] (الشرح)

(عن الأسود بن قيس ؛ قال : سمعت جندب بن سفيان رضي الله عنه ؛ يقول : اشتكى رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فلم يقم ليلتين ، أو ثلاثا : فجاءته امرأة ، فقالت : يا محمد ! إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك ؛ لم أره قربك ) : بكسر الراء . والمضارع «يقربك ، » بفتحها .

(منذ ليلتين . أو ثلاث . فأنزل الله عز وجل : والضحى . والليل إذا سجى : ما ودعك ربك وما قلى » ) .

قال ابن عباس : أي ما قطعك منذ أرسلك ، وما أبغضك .

وسمي الوداع : «وداعا » ، لأنه فراق ومتاركة . «وودعك » بتشديد الدال ، على القراءات الفصيحة المشهورة ، التي قرأ بها القراء السبعة .

وقرئ في الشاذ : بتخفيفها . قال أبو عبيد : هو من «ودعه يدعه » . معناه : ما تركك .

[ ص: 831 ] قال عياض : النحويون ينكرون أن يأتي منه ماض ، أو مصدر . قالوا : وإنما جاء منه : المستقبل ، والأمر ، لا غير . وكذلك «يذر » .

قال عياض : وقد جاء الماضي والمستقبل منهما جميعا ، كما قال الشاعر :


وكأن ما قدموا لأنفسهم أكثر نفعا من الذي ودعوا



وقال :


ما الذي غاله في الواد ، حتى يدعه



«غاله » : بالغين المعجمة ، أي : أخذه . انتهى .

زاد في (فتح البيان ) : «التوديع » : أبلغ من «الوداع » : لأن من ودعك مفارقا ، فقد بالغ في تركك . قال المبرد : لا يكادون يقولون : «ودع » ، ولا «وذر » : لضعف الواو - إذا قدمت - واستغنوا عنها : بترك . قال أبو عبيدة : «ودعك » من «التوديع » ، كما يودع المفارق .

وقال الزجاج : لم يقطع الوحي . «والتوديع » استعارة تبعية للترك . [ ص: 832 ] فإن الوداع ، إنما يكون بين الأحباب ، ومن تعز مفارقته . هذه الحقيقة : لا تتصور هنا .

«والقلى » : البغض . يقال : «قلاه يقليه قلى » .

وقال : «وما قلى » ولم يقل : «وما قلاك » : لموافقة رؤوس الآي . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية