السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5349 سورة الفتح : باب في قوله تعالى : « إذا جاء نصر الله والفتح

وهو في النووي ، في : (كتاب التفسير ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 160 ، 161 ج 18 ، المطبعة المصرية

قال الإمام مسلم : (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وهارون بن عبد الله ، وعبد بن حميد -قال عبد : أخبرنا . وقال الآخران : حدثنا- جعفر بن عون ، أخبرنا أبو عميس ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ؛ قال : قال لي ابن عباس : تعلم -وقال هارون : تدري- آخر سورة نزلت من القرآن : نزلت جميعا ؟

قلت : نعم . «إذا جاء نصر الله والفتح » . قال : صدقت .


وفي رواية «ابن أبي شيبة » : تعلم : أي سورة ؟ ولم يقل : آخر ) .


[ ص: 836 ] (الشرح)

(عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ؛ قال : قال لي ابن عباس ، رضي الله عنهما ؛ تعلم - وقال هارون تدري - آخر سورة من القرآن ، نزلت جميعا ؟ قلت : نعم . «إذا جاء نصر الله والفتح قال : صدقت .

وفي رواية «ابن أبي شيبة » : تعلم أي سورة ؟ ولم يقل : آخر ) .

وفي رواية أخرى : قال : «آخر سورة » .

لم يشرح النووي : هذا الحديث ، بشيء .

وفي (فتح البيان ) : قال ابن عباس : أنزل بالمدينة .

وعن « ابن عمر » : نزلت على رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : في أوسط أيام التشريق بمنى - . وهو في حجة الوداع - حتى ختمها ، فعرف رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : أنها الوداع .

[ ص: 837 ] وعن « ابن عباس » أيضا : نزلت ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «نعيت إلى نفسي » وفي لفظ : «قرب إلي أجلي » .

وفي لفظ : لما نزلت ، نعيت لرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : نفسه - حين أنزلت - فأخذ في أشد ما كان - قط - اجتهادا في أمر الآخرة » .

وعن أم حبيبة رضي الله عنها ، قالت : لما أنزل ، قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : «إن الله لم يبعث نبيا إلا عمر في أمته : شطر ما عمر النبي الماضي قبله ؛ فإن عيسى بن مريم : كان أربعين سنة ، في بني إسرائيل . وهذه لي أربعون سنة ، [ ص: 838 ] وأنا الميت في هذه السنة » . فبكت فاطمة رضي الله عنها ، فقال : «أنت أول أهلي بي لحوقا : فتبسمت » . أخرجه : ابن أبي حاتم ، وابن مردويه .

وعن ابن عباس ؛ قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح : دعا رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : فاطمة ، وقال : «إنه قد نعيت إلي نفسي » ، فبكت ، ثم ضحكت . وقالت : أخبرني أنه نعيت إليه نفسه ؛ فبكيت . فقال : «اصبري ، فإنك أول أهلي لحاقا بي » : فضحكت ، أخرجه البيهقي .

وجاء أن هذه السورة : «تعدل ربع القرآن » ، وهي آخر سورة نزلت جميعا . انتهى كلام (فتح البيان ) .

قلت : وهي آخر ما تم عليه تلخيص الحافظ - الإمام أبي محمد : [ ص: 839 ] «عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله : محيي السنة ، زكي الدين «المنذري » ، رحمه الله تعالى وإيانا جميعا - لصحيح مسلم .

قال رضي الله عنه : (هذا آخر ما اختصرته ، من صحيح الإمام أبي الحسين : «مسلم بن الحجاج » رضي الله عنه ، والرغبة إلى الله سبحانه : أن ينفعني به ، وحافظه ، وكاتبه ، والناظر فيه : بكرمه ) .

والمرجو «من سعة رحمة الله تعالى » : استجابة هذا الدعاء .

وقد كتب هذا العبد الفاني هذا التلخيص الشريف ، وكتب عليه : هذا الشرح المختصر اللطيف ، ونظر فيه راجيا للنفع العاجل والآجل ، داعيا لأخلافه : إلى العمل بما فيهما ، ولمن يصلح لذلك (من العالم والعامل ) والله الموفق ، وهو المستعان .

(واتفق نجاز إملائه على الجماعة ) من أهل السنة المطهرة ، الذين أخلصهم الله «بخالصة ذكرى الدار » (نفعهم الله تعالى ) بإملائه ، وحفظه ، وكتابته ، والنظر فيه : بكرمه ، ومنه ولطفه ، ورحمته . (ونفع بهم ) كثيرا من الناس الصالحين ، العالمين العاملين : بالكتاب العزيز ، [ ص: 840 ] والسنة المطهرة ، التي ليلها كنهارها ، (وبلغهم من خيرات الدنيا والآخرة : منتهى طلبهم ! ) .

وهم القائلون : «ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار » .

(في يوم الاثنين ) . وهو اليوم الذي بعث فيه رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وتوفي فيه (الثامن والعشرين : من شعبان المكرم ) وكرامته : كون «ليلة مباركة ، فيها ينزل كل أمر حكيم (سنة تسع وثلاثين وستمائة من سني الهجرة القدسية ، على صاحبها الصلاة والتحية .

«وشرحنا هذا » : اتفق نجازه - على يدي الضعيفة ، قواها الله تعالى فيما يحب ويرضى - في يوم السبت المبارك فيه : على لسان رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، في قوله : «بارك الله في يوم السبت والخميس » ) السادس عشر من ذي القعدة ، من سنة : «تسع وتسعين ، ومائتين ، وألف » الهجرية ، وقت الإشراق في أول النهار .

(بدار الحديث الكاملية ) .

[ ص: 841 ] «وشرحنا هذا » : بدار السيدة نيرة الهند : «نواب شاهجان بيكم » أصلح الله شأنها ، وبكل نعمة وعافية وحسن عافية ، - عليها وعلينا - : أنعم . الواقعة في البلدة المحمية «بهوپال » ، التي هي من ثغور مملكة «مالوة الدكن » . وهذه السيدة هي «أهل بيتي ، وكرشي ، وعيبتي ، وسكني - في حضرتي وغيبتي - » .

(عمرها الله تعالى : بذكره . وتغمد واقفها : برحمته ورضوانه ، وأسكنه غرف جنانه ) .

وهكذا «بارك ، وتفضل ، وتلطف : في أعمال السيدة وبعلها » وتغمدهما : بسابغ كرمه ، وتمام رضائه ، وبوأهما بعد الممات - مع حسن الختام - في دار السلام : بالعافية الكاملة ، وكامل السلام . (إنه سميع الدعاء ) ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ، ولا في السماء ، (فعال لما يشاء ) : من الرضوان والغفران ، على عباده أهل الآثام والعصيان . وما ذلك عليه بعزيز . (والحمد لله وحده ) ؛ لأن مرجع [ ص: 842 ] المحامد كلها - من أي شيء كان ، ولأيه كان - : إليه سبحانه وتعالى .

وفيه : إشارة إلى أن آخر دعوانا : «أن الحمد لله رب العالمين . (وصلواته على سيدنا محمد : نبيه ) ورسوله (وآله وصحبه وسلم ) .

فيه : امتثال لقوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .

قال : «في الأم » المنقول عنه : (وافق الفراغ منه ، في يوم السبت «الخامس والعشرين » من ربيع الأول ، سنة ثمان وسبعين وستمائة ) .

فيه : أن هذا الفراغ من كتابته ، كان بعد تسع وثلاثين سنة : من زمن جمع الأصل الذي ألفه الحافظ المتقن الضابط ، جمال الحفاظ وعمدة المحدثين : «المنذري ، رحمه الله » . وذلك يدل : على صحة النقل ، وقرب عهده «بالأم » المنسوخة منها . وهو كذلك . وقد أنعم الله بهذه النسخة الشريفة علي ،- عند أخذي في تحرير هذا الشرح - .

(كتبه : العبد الفقير ، المعترف بالتقصير ) ، في الذي يجب عليه [ ص: 843 ] «من الإتيان والترك » : (الراجي من ربه : غفران ذنبه ) ، لأنه ليس عبد من عباد الله تعالى - غير أنبيائه ورسله - : من لم يلم بذنب . ومن ألم فقد احتاج إلى مغفرته ، ولا يغفر الذنوب إلا هو . فاستحسن : رجاء الغفران ، وسؤال الرضوان من كل واحد منهم ؛ من الله غافر الذنب ، وقابل التوب : ( «خضر بن عيسى بن رضوان » ، المعروف بابن الخيمي . غفر الله له ، ولوالديه ، ولجميع المسلمين ) ، خص في ذلك وعم .

(وصلى الله على محمد وآله وسلم ) .

وأما أنا ، فهو العبد الضعيف ، المكلف الحنيف ، أبو الطيب «صديق بن حسن بن علي » الحسيني ، البخاري ، القنوجي . ختم الله له بالحسنى ، وأذاقه حلاوة رضوانه الأسنى .

وهذا العبد له مؤلفات ، فيما يتعلق بالعلوم المتداولة وغيرها ؛ وأحسنها : تفسير كتاب الله العزيز ، المسمى (بفتح البيان ، في مقاصد القرآن ) وهو اسم له ، تاريخي .

وكتاب (عون الباري ، لحل أدلة البخاري ) . وهو شرح «تلخيص الجامع الصحيح » للإمام محمد بن إسماعيل ، رضي الله عنه . وهذا أيضا : اسم له ، فيه تاريخ زمن تأليفه ألفته أولا . «لنفع نفسي » . ثم [ ص: 844 ] ثانيا : «لإفادة ولدي الصالح » : أبي الخير نور الحسن الطيب ، ثم لكل من يصلح للاستفادة منه : حبا للسنة المطهرة ، وكرامة لها .

وهذا الشرح المسمى : (بالسراج الوهاج ) ، وهو أيضا علم له : تاريخي . ألفته : لأدخل في خدم السنة ، وشارحي صحيح مسلم : لأتيح لي : «خدمة القرآن والصحيحين » جميعا ، وينتفع به ولدي الصغير «أبو النصر علي حسن الطاهر » ، ثم الناس جميعا .

والله أسأل : أن يجعل هذه المؤلفات ، خالصة لوجهه الكريم . ويسامحني فيها ، إن زل بشيء القلم ، أو دحضت به القدم . ويجعلها من أسباب الغفران ، ومواد الرضوان ، ولا يحرمني من واسع رحمته : التي وسعت كل شيء : من نبات ، وجماد ، وحيوان . وإني وإن كنت لست أهلا للمغفرة والعفو والصفح - لذنوب أتيتها سرا وعلانية لكنه سبحانه أهل لكل ذلك . وهو القائل في كتابه المبين : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم والله تعالى لا يخلف الميعاد . ومن أصدق من الله قيلا ؟ وأنا القائل : اللهم ! أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي : فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .

وأيضا ، القائل : اللهم ! اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن [ ص: 845 ] عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت : فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا ! وتعاليت ، نستغفرك ونتوب إليك . وصلى الله على النبي ، وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . وآخر دعوانا : «أن الحمد لله رب العالمين » .

تم بحمد الله وتوفيقه : تحقيق وتصحيح هذا الكتاب في شهر ربيع الأول سنة 1417هـ بدولة قطر ، وبه تم كتاب السراج الوهاج لمؤلفه الشيخ العلامة أبي الطيب صديق بن حسن خان رحمه الله في أحد عشر مجلدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية