السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
991 [ ص: 161 ] (باب التشديد في الذي تفوته صلاة العصر).

وقال النووي: (باب التغليظ في تفويت صلاة العصر).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ص 125 ج 5 المطبعة المصرية.

[ (وحدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك ، عن نافع، عن(عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله" ).] .


(الشرح) .

(أهله وماله) بفتح اللامين، وضمهما. والفتح هو الصحيح المشهور، الذي عليه الجمهور.

ومعناه: نقص هو أهله، وماله، وسلبه، فبقي بلا أهل وبلا مال. فليحذر من تفويتها "كحذره" من ذهاب أهله وماله. قاله الخطابي.

وقال "ابن عبد البر": معناه عند أهل اللغة، والفقه: أنه كالذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها "وترا".

"والوتر" الجناية التي يطلب ثأرها. فيجتمع عليه "غمان": غم المصيبة، وغم مقاساة طلب الثأر.

[ ص: 162 ] وقال الداودي: معناه: يتوجه عليه من الاسترجاع، ما يتوجه على من فقد أهله وماله؛ فيتوجه عليه الندم، والأسف، لتفويته الصلاة.

وقيل معناه: فاته من الثواب ما يلحقه من الأسف عليه، كما يلحق من ذهب أهله وماله.

وأما معناه على رواية (الرفع) فقيل: انتزع منه أهله، وماله، وهذا تفسير "مالك بن أنس".

قلت: والكل محتمل. ولا مانع من إرادة الجميع.

ثم المراد بفوات العصر هنا عند ابن وهب وغيره: أن هذا الحديث فيمن لم يصلها في وقتها المختار.

وقال سحنون، والأصيلي: هو أن تفوته بغروب الشمس.

وقيل: هو تفويتها إلى أن تصفر الشمس. وقد ورد مفسرا من رواية الأوزاعي في هذا الحديث: "وفواتها أن يدخل الشمس صفرة".

وقال سالم: هذا فيمن فاتته ناسيا.

وعلى قول الداودي: هو في العامد.

قال النووي: وهذا هو الأظهر، ويؤيده حديث البخاري في صحيحه: "من ترك صلاة العصر حبط عمله".

وهذا إنما يكون في العامد.

قال ابن عبد البر: ويحتمل أن يلحق "بالعصر" باقي الصلوات، ويكون نبه "بالعصر" على غيرها.

[ ص: 163 ] وإنما خصها بالذكر، لأنها تأتي وقت تعب الناس، من مقاساة أعمالهم وحرصهم على قضاء أشغالهم. وتسويفهم بها إلى انقضاء وظائفهم.

وفيما قاله نظر، لأن الحديث ورد في العصر. ولم تتحقق العلة في هذا الحكم؛ فلا يلحق بها غيرها بالشك والتوهم.

وإنما يلحق غير المنصوص بالمنصوص، إذا عرفنا "العلة" واشتركا فيها.

والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية