السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1382 [ ص: 173 ] (باب في الركعتين قبل المغرب بعد الغروب).

وعبارة النووي: (باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ص 123 ج6 المطبعة المصرية.

[عن مختار بن فلفل، قال: سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد "العصر"؟ فقال: كان "عمر" يضرب "الأيدي" على صلاة بعد "العصر". وكنا نصلي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة "المغرب". فقلت له: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا] .


(الشرح)

وفي رواية: "أنهم كانوا يصلونها بعد الأذان".

وفي الحديث الآخر: "بين كل أذانين صلاة".

وفي هذه الأحاديث: "استحباب" ركعتين قبل صلاة المغرب، بعد غروب الشمس. وهو "الأصح" عند المحققين، واستحبهما جماعة من الصحابة، والتابعين.

وقال النخعي: بدعة. والحديث يرد عليه.

[ ص: 174 ] وزعم بعضهم: أنها "منسوخة".

وفي صحيح البخاري مرفوعا: صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، قال في الثالثة لمن شاء.

قال النووي: والمختار استحبابها، لهذه الأحاديث الصحيحة.

وأما من زعم "النسخ" فهو مجازف، لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا عجزنا عن التأويل، والجمع بين الروايات، وعلمنا التاريخ. وليس هنا شيء من ذلك انتهى.

قال الشوكاني في "السيل الجرار": هذا دفع في وجه الأدلة الصحيحة، ورد السنة التي هي أظهر من شمس النهار.

فإنه قد ثبت مشروعية "النفل" بين الأذان والإقامة، في جميع الصلوات.

ثم ثبت مزيد الخصوصية "للنفل" بين أذان المغرب وإقامته، بلفظ: "بين أذاني المغرب صلاة" وقال في الثالثة: "لمن شاء" كراهة أن يتخذها الناس سنة. أي: سنة لازمة، لا يجوز تركها.

وقال الراوي معللا لقوله: "لمن شاء": (كانوا إذا أذن المؤذنون للمغرب [ ص: 175 ] قاموا يصلون النافلة، حتى يظن من دخل المسجد أن الصلاة قد صليت، لما يرى من كثرة من يصلي هذه النافلة).

وليس في حديث أبي أيوب: "لا تزال أمتي على خير ما لم يؤخروا المغرب" ما يدل على كراهة هذه النافلة.

فإن المقصود: التأخير عن الوقت، الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلها فيه، وهو الذي أرشد الأمة إلى فعل هذه النافلة، وأكد ذلك عليهم بالتكرير.

فنصب هذا الحديث، في مقابلة الأحاديث التي ذكرناها، ليس كما ينبغي. ولا يفعله من له ملكة في الاستدلال، ومعرفة بما جاءت به السنة. انتهى.

التالي السابق


الخدمات العلمية