السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
857 [ ص: 244 ] (باب كفارة البزاق في المسجد ) .

وقال النووي: (باب النهي عن البصاق في المسجد، في الصلاة، وغيرها ) .

(حديث الباب ) .

وهو بصحيح مسلم النووي ص 41 ج 5 المطبعة المصرية .

[ وحدثنا يحيى بن يحيى، وقتيبة بن سعيد ( قال يحيى: أخبرنا. وقال قتيبة: حدثنا ) أبو عوانة عن قتادة. عن أنس بن مالك؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البزاق في المسجد خطيئة. وكفارتها دفنها" ) .] .


(الشرح) .

(عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البزاق" ) .

يقال: بصاق، وبزاق. لغتان، مشهورتان. ولغة قليلة "بساق" بالسين، وعدها جماعة غلطا.

"في المسجد خطيئة".

وفي رواية: "التفل في المسجد خطيئة" .

وهو بفتح التاء، وإسكان الفاء: "البصاق".

[ ص: 245 ] قال أهل اللغة: "البزاق" من الفم. "والنخامة" وهي "النخاعة" من الرأس، ومن الصدر أيضا.

ويقال: تنخم، وتنخع.

وفي رواية: (رأى بصاقا) .

وفي أخرى: (نخامة ) .

وفي أخرى: (مخاطا ) .

"وفيه" أن "البزاق" في المسجد خطيئة، مطلقا. سواء احتاج إليه أم لا.

بل يبزق في ثوبه. فإن بزق في المسجد، فقد ارتكب الخطيئة.

"وكفارتها دفنها". أي: عليه أن يكفر هذه الخطيئة "بدفن" البزاق. هذا هو الصواب، أن "البزاق" خطيئة، كما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال عياض، وغيره من أهل العلم: إنه ليس بخطيئة إلا في حق من لم يدفنه.

وأما من أراد دفنه، فليس بخطيئة.

قال النووي: "هذا كلام باطل"، واستدل بأشياء باطلة.

فقوله هذا: غلط صريح، مخالف لنص الحديث. ولما قاله العلماء. نبهت عليه، لئلا يغتر به. انتهى.

[ ص: 246 ] والمراد بدفنها عند الجمهور: أن يدفنها في تراب المسجد، ورمله، وحصاته، إن كان فيه. وإلا فيخرجها.

وقيل: المراد إخراجها "مطلقة".

والأول أوفق بلفظ الحديث.

وفي حديث ابن عمر يرفعه: "إذا كان أحدكم يصلي، فلا يبصق قبل وجهه، فإن الله قبل وجهه إذا صلى".

وفي حديث آخر عنه مرفوعا: (ثم نهى أن يبزق الرجل عن يمينه، أو أمامه. ولكن يبزق عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى ) .

وفي الباب أحاديث كثيرة.

وفي حديث أبي هريرة: (كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرد ثوبه بعضه على بعض ) ، وعنه يرفعه: "إذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره، تحت قدمه؛ فإن لم يجد فليقل: هكذا" ووصف القاسم؛ فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض.

"وفيه" جواز الفعل في الصلاة.

"وفيه": أن البزاق، والمخاط، والنخاعة؛ طاهرات.

وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين، إلا ما حكي عن إبراهيم النخعي: أنه قال: "البزاق" نجس.

[ ص: 247 ] قال النووي: ولا أظنه يصح عنه.

"وفيه" أن البزاق لا يبطل الصلاة، وكذا "التنخع". إن لم يتبين منه حرفان، أو كان مغلوبا عليه. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية