السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
812 باب (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ) .

وقال النووي: (كتاب المساجد ومواضع الصلاة ) .

(حديث الباب ) .

وهو بصحيح مسلم النووي ص 5 ج 5 المطبعة المصرية .

[عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم. ونصرت بالرعب. وأحلت لي الغنائم. وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا. وأرسلت إلى الخلق كافة. وختم بي النبيون" .] .


[ ص: 267 ] (الشرح) .

(عن أبي هريرة ) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم" ) .

وفي الرواية الأخرى بعثت "بجوامع الكلم" .

قال الهروي: يعني به: "القرآن". جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة.

وكلامه صلى الله عليه وسلم، كان بالجوامع، قليل اللفظ كثير المعاني.

"ونصرت بالرعب" وزاد في رواية: "على العدو".

وفي أخرى: ("وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فوضعت في يدي". قال أبو هريرة: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها ) .

وهذا من أعلام النبوة؛ فإنه إخبار بفتح هذه البلاد لأمته، ووقع كما أخبر، ولله الحمد والمنة.

والمعنى: تستخرجون ما فيها من خزائن الأرض، وما فتح على المسلمين من الدنيا.

"وأحلت لي الغنائم" وزاد في رواية: "ولم تحل لأحد قبلي".

[ ص: 268 ] قال أهل العلم: كانت غنائم من قبلنا يجمعونها، ثم تأتي نار من السماء فتأكلها.

كما جاء مبينا في الصحيحين، من رواية أبي هريرة، في حديث الذي غزا وحبس الله تعالى له الشمس.

"وجعلت لي الأرض طهورا". وهذا موضع الترجمة من حديث الباب.

وفي الرواية الأخرى "وجعلت تربتها لنا طهورا".

واحتج بالأولى: مالك، وأبو حنيفة. وغيرهما، على جواز التيمم بجميع أجزاء الأرض.

وبالثانية الشافعي، وأحمد، وغيرهما، على أنه لا يجوز إلا بالتراب خاصة.

وحملوا ذلك المطلق على هذا المقيد، وهو الراجح المختار.

و"مسجدا" معناه: أن من كان قبلنا، إنما أبيح لهم الصلوات في مواضع مخصوصة، كالبيع، والكنائس.

وخصصنا نحن بجواز الصلاة في جميع الأرض إلا ما تيقنا نجاسته.

وأرسلت إلى الخلق كافة، قال تعالى: وما أرسلناك إلا كافة للناس .

"وختم بي النبيون" قال تعالى:

[ ص: 269 ] ولكن رسول الله وخاتم النبيين .

وهذا نص في الكتاب، وفي الباب. فمن قال برسالة أحد من الإنسان، وبنبوة فرد من الناس بعده، فقد جحد القرآن والسنة، وصار كافرا مرتدا، واجب القتل.

ومن ادعى أنه رسول، أو نبي، بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته، فقد خرج من الإسلام، وارتد عن الدين القويم، واستحق سفك الدم، بلا خلاف بين أهل العلم، من السلف والخلف.

ومن أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة، أن كل من أغواه الشيطان، وأخرجه عن دائرة الإسلام والإيمان، بادعائه الرسالة والنبوة، في كل قطر من أقطار الأرض، وفي كل زمان من هذه الأزمان، ظهر كذبه، وجهله، وكفره.

ولم يمش له ما ادعاه، وهلك في أسرع زمان من دعواه الباطلة، وفتنته الداحضة.

وحاق به مكره السيئ، وعلا الإسلام. ولم يعل، ولله الحمد.

التالي السابق


الخدمات العلمية