السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
610 (باب منه ) وذكره النووي في الباب السابق

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 118 ج 4 المطبعة المصرية

[عن سعيد بن جبير وعن طاوس، ، عن ابن عباس؛ أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن. فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله" وفي رواية ابن رمح: كما يعلمنا القرآن.]


[ ص: 422 ] (الشرح)

(عن ابن عباس ) ، رضي الله عنهما: (أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد ) .

سمي بذلك للنطق بالشهادة بالوحدانية؛ والرسالة. (كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول: "التحيات المباركات، الصلوات الطيبات، لله. السلام عليك أيها النبي ! ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.

وفي رواية ابن رمح: كما يعلمنا القرآن ) . قال النووي : اتفق العلماء على جوازها كلها؛ واختلفوا في الأفضل منها:

فمذهب الشافعي وبعض أصحاب مالك: أن تشهد ابن عباس هذا أفضل. لزيادة لفظ (المباركات ) فيه. وهي موافقة لقول الله عز وجل:

تحية من عند الله مباركة طيبة ولأنه أكده بقوله: (يعلمنا، كما يعلمنا السورة من القرآن ) .

وقال أبو حنيفة، وأحمد، وجمهور الفقهاء، وأهل الحديث: تشهد ابن مسعود أفضل. لأنه عند المحدثين أشد صحة، وإن كان الجميع صحيحا.

[ ص: 423 ] ولفظه عند مسلم هكذا: (التحيات لله، والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) .

وفيه: "فإذا قالها، أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض".

وزاد: "ثم يتخير من المسألة ما شاء"..

وقال مالك: تشهد عمر بن الخطاب الموقوف عليه، أفضل. لأنه علمه الناس على المنبر، ولم ينازعه أحد، فدل على تفضيله.

وهو (التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله، سلام عليك أيها النبي ) إلى آخره.

قال: واختلفوا في التشهد. هل هو واجب أم سنة؟ فقال الشافعي، وطائفة: التشهد الأول سنة. والأخير واجب. وقال جمهور المحدثين: هما واجبان. وقال أحمد: الأول واجب، والثاني فرض. وقال أبو حنيفة، ومالك، وجمهور الفقهاء: هما سنتان. وعن مالك رواية وجوب الأخير. وقد وافق من لم يوجب التشهد، على وجوب القعود بقدره في آخر الصلاة. انتهى.

[ ص: 424 ] قلت: وحاصل ما استدل به الموجبون للتشهد؛ ما وقع من أمره صلى الله عليه وسلم به، مع قول ابن مسعود:

(كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ) . فإن هذا يدل على أنه فرض عليهم.

ولم يأت القائلون بعدم وجوبه، بحجة مقبولة، إلا قولهم: إنه لم يذكر في حديث المسيء.

وصدقوا، لم يذكر فيه. ولكن يتم حجتهم إن ثبت وتقرر: أن حديث تعليمه، متأخر عن مشروعية التشهد.

وأما إذا كان حديث المسيء متقدما، فلا مانع من أن يتجدد إيجاب واجبات لم يشتمل عليها. فإن جهل التاريخ، كان القول بالوجوب أرجح.

لأنه قد وجد ما يقتضي الوجوب، ولم يتيقن ما يصرفه عن ذلك، فوجب البقاء على الوجوب.

لا يقال: الأمثل براءة الذمة؛ لأنا نقول: لا براءة بعد وجود الدليل.

الدال على الوجوب، إلا بوجود ما يصرفه عن حقيقته.

ثم لا شك أن تشهد ابن مسعود هو الأصح رواية، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية