السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1044 (باب ما يجب في إتيان المسجد على من سمع النداء )

وقال النووي : (باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 155 ج 5 المطبعة المصرية

[عن عبيد الله بن الأصم. قال: حدثنا يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى. فقال: يا رسول الله! إنه ليس لي [ ص: 466 ] قائد يقودني إلى المسجد. فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له. فلما ولى دعاه فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟" فقال: نعم. قال: "فأجب". ].


(الشرح)

(عن أبي هريرة ) ؛ رضي الله عنه (قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى ) هو ابن أم مكتوم، جاء مفسرا في "سنن أبي داود" وغيره.

(فقال: يا رسول الله ! إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له. فلما ولى دعاه فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟" فقال: نعم. قال: "فأجب" )

وفي هذا الحديث دلالة، لمن يقول: الجماعة فرض عين.

وجواب الجمهور عنه: بأنه سأل، هل له رخصة، وتحصل له فضيلة الجماعة بسبب عذره؟ فقيل: لا.

قال النووي : ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين. ودليله من السنة، حديث عتبان بن مالك.

وقوله: "فأجب" يحتمل أنه بوحي نزل في الحال. أو تغير اجتهاده.

[ ص: 467 ] ويحتمل أنه رخص له أولا؛ وأراد أنه لا يجب الحضور إما للعذر، وإما لأن فرض الكفاية يحصل بحضور غيره. ثم ندبه إلى الأفضل، فقال: الأفضل والأعظم لأجرك أن تجيب، وتحضر، فأجب.

قال الشوكاني في (السيل الجرار ) : إن الأحاديث المصرحة بأفضلية صلاة الجماعة على صلاة الفرادى، منادية بأعلى صوت، بأن الجماعة غير واجبة.

وموجبة لتأويل ما ورد، مما استدل به على وجوبها.

قال: فهذه الأحاديث، وما ورد في معناها، تدل على أن الصلاة بغير الجماعة صحيحة مجزية، مسقطة للوجوب.

وكل ما أورد مما استدل به على الوجوب، فهو متأول، والمصير إلى التأويل متعين.

وقد ذكرنا في "شرح المنتقى" ما لا يبقى بعده ريب لمرتاب. فليرجع إليه.

ولكن المحروم من حرم صلاة الجماعة.

فإن صلاة يكون أجرها أجر سبع وعشرين صلاة، لا يعدل عنها إلى صلاة، ثوابها ثواب جزء من سبعة وعشرين منها، إلا مغبون.

ولو رضي لنفسه في المعاملات الدنيوية، بمثل هذا، لكان مستحقا [ ص: 468 ] لحجره عن التصرف في ماله، لبلوغه في السفه إلى هذه الغاية. والتوفيق بيد الرب سبحانه وتعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية