السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1082 [ ص: 9 ] (باب القنوت في صلاة الصبح) وقال النووي : (باب استحباب القنوت في جميع الصلوات، إذا نزلت بالمسلمين نازلة، والعياذ بالله. واستحبابه في الصبح دائما. وبيان أن محله بعد رفع الرأس من الركوع، في الركعة الأخيرة. واستحباب الجهر به) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 176-177 جـ5 المطبعة المصرية

[عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أنهما سمعا أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" ثم يقول وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله" ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ].


[ ص: 10 ] (الشرح)

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه: (قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة، ويكبر، ويرفع رأسه:

"سمع الله لمن حمده. ربنا ولك الحمد"، ثم يقول وهو قائم: "اللهم! أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين") .

فيه: استحباب القنوت، والجهر به، وأنه بعد الركوع في الركعة الأخيرة، وأنه يجمع بين قوله: التسميع والتحميد.

وفيه: جواز الدعاء لإنسان معين، وعلى معين.

وقد ثبت الأمران، يعني: إثبات الواو وحذفها. في قوله: "ولك الحمد"، في الصحيح.

ومذهب الشافعي: أن القنوت سنة في صلاة الصبح دائما.

ولغيره: فيه ثلاثة أقوال: الصحيح المشهور؛ أنه إن نزلت نازلة كعدو، وقحط، ووباء، وعطش، وضرر ظاهر في المسلمين، ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبة؛ وإلا فلا.

قال النووي : ويستحب رفع اليدين فيه، ولا يمسح الوجه.

[ ص: 11 ] وقيل: يستحب مسحه.

وقيل: لا يرفع اليد.

قال: والصحيح أنه لا يتعين فيه دعاء مخصوص، بل يحصل بكل دعاء.

والصحيح: أن الدعاء المشهور: "اللهم! اهدني فيمن هديت" إلى آخره مستحب لا شرط.

"اللهم! اشدد وطأتك على مضر".

"الوطأة"، بفتح الواو، وإسكان الطاء، وبعدها همزة. وهي البأس.

"واجعلها عليهم كسني يوسف"، أي: اجعلها سنين شدادا، ذوات قحط وغلاء.

"اللهم! العن لحيان، ورعلا، وذكوان، وعصية. عصت الله ورسوله".

وفيه: جواز لعن الكفار، وطائفة معينة منهم.

(ثم بلغنا أنه ترك ذلك، لما أنزل: "ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون") .

قال النووي : "ترك" يعني: الدعاء على هذه القبائل. وأما أصل القنوت في الصبح فلم يتركه حتى فارق الدنيا، كما صح عن أنس رضي الله عنه.

انتهى.

[ ص: 12 ] قلت: وفي كون القنوت سنة الصلاة، وفي الدوام عليه، كلام.

قال شيخنا وبركتنا (رضي الله عنه) في "السيل الجرار": إثبات هذا "يعني: القنوت" في الفجر، في سنن الصلاة، لم يأت دليل يدل عليه، فإن الأحاديث الواردة في هذا، مصرحة باختصاصه بالنوازل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله إذا نزلت بالمسلمين نازلة، فيدعو لقوم، أو على قوم. ولم يثبت غير هذا، إلا الدعاء المروي عن الحسن بن علي (رضي الله عنهما) مرفوعا بلفظ: "اللهم! اهدني فيمن هديت"، إلى آخره، فإن ذلك دعاء علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعله في الوتر، فهو من جملة الأدعية الواردة في الصلاة، فينبغي قوله. فهو حديث قد صححه جماعة من الحفاظ، ولا مقال فيه بما يوجب قدحا.

ولا يفعل هذا الدعاء إلا في هذا الموضع، لا كما يفعله طائفة بعد الركوع، في الركعة الثانية من صلاة الفجر، فإنه لم يدل على ذلك دليل.

والحاصل: أنه قد ورد الدعاء في النوازل، في جميع الصلوات، وفي بعضها، قبل الركوع، وبعده. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية