السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1174 (باب في صلاة الضحى)

وقال النووي : (باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، وأكملها ثماني ركعات، وأوسطها أربع ركعات، أو ست. والحث على المحافظة عليها) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 228-229 جـ5 المطبعة المصرية

[عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة، أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط. وإني لأسبحها. وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به، خشية أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم] .


[ ص: 22 ] (الشرح)

(عن عائشة) رضي الله عنها، (قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط) بضم السين، أي: نافلة الضحى.

(وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به) بفتح الياء. أي يعمله.

(خشية أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم) .

فيه: كمال شفقته صلى الله عليه وسلم، ورأفته بأمته.

وفيه: إذا تعارضت مصالح، قدم أهمها.

وفي رواية: (كان لا يصلي الضحى إلا أن يجيء من مغيبه) .

وفي رواية عنها: (كان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء) .

وفي رواية: (ما شاء الله) .

وفي حديث أم هانئ: (أنه صلى الله عليه وسلم صلى ثماني ركعات) .

وفي حديث أبي ذر، وأبي هريرة، وأبي الدرداء: (ركعتان) .

قال النووي : هذه الأحاديث كلها متفقة، لا اختلاف بينها، عند أهل التحقيق.

[ ص: 23 ] وحاصلها: أن الضحى سنة مؤكدة، وأن أقلها ركعتان، وأكملها ثماني ركعات، وبينهما أربع، أو ست، كلاهما أكمل من ركعتين، ودون ثمان.

وأما الجمع بين حديثي عائشة في نفي صلاته،صلى الله عليه وسلم الضحى، وإثباتها، فهو:

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها بعض الأوقات لفضلها، ويتركها في بعضها، خشية أن تفرض. كما ذكرته عائشة.

ويتأول قولها: (ما كان يصليها إلا أن يجيء من مغيبه) على أن معناه : ما رأيته. كما قالت في الرواية الأخرى.

وسببه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، ما كان يكون عند عائشة في وقت الضحى، إلا في نادر من الأوقات.

فإنه قد يكون في ذلك مسافرا وقد يكون حاضرا. ولكنه في المسجد، أو في موضع آخر.

وإذا كان عند نسائه، فإنما كان لها يوم من تسعة. فيصح قولها: (ما رأيته يصليها) .

وتكون قد علمت بخبره، أو خبر غيره، أنه صلاها.

أو يقال: قولها: (ما كان يصليها) أي: ما يداوم عليها. فيكون نفيا للمداومة، لا لأصلها.

[ ص: 24 ] وأما ما صح عن ابن عمر: أنه قال في الضحى: هي بدعة. فمحمول على أن صلاتها في المسجد، والتظاهر بها، كما كانوا يفعلونه، بدعة. لا أن أصلها في البيوت ونحوها مذموم.

أو يقال: المواظبة عليها بدعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يواظب عليها خشية أن تفرض؛ وهذا في حقه صلى الله عليه وسلم.

وقد ثبت استحباب المواظبة في حقنا بحديث أبي الدرداء، وأبي هريرة. أو يقال: إن ابن عمر، لم يبلغه فعل النبي صلى الله عليه وسلم الضحى، وأمره بها.

وكيف كان، فجمهور العلماء على استحباب الضحى. وإنما نقل التوقف فيها عن ابن مسعود، وابن عمر، رضي الله عنهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية