السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1262 [ ص: 71 ] (باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه)

وذكره النووي : في الباب المتقدم .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 39 - 37 ج9 المطبعة المصرية

[عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك. أنا الملك. من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر" ]
(الشرح) (عن أبي هريرة) ، رضي الله عنه: (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله" تبارك وتعالى "إلى السماء الدنيا كل ليلة".

هذا الحديث من أحاديث الصفات.

وفيه: مذهبان مشهوران لأهل العلم. والصحيح المختار منهما:

[ ص: 72 ] هو مذهب جمهور السلف، وبعض المتكلمين: أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى، وأن لفظ الحديث جار على ظاهره، ولا يتكلم في تأويله.

وفي إثبات هذا المذهب، كتاب مفرد لشيخ الإسلام "ابن تيمية" يعرف بكتاب "النزول"، أفاد فيه وأجاد.

وفي "الجوائز والصلات" للسيد الصالح أبي الخير البخاري حفظه الله وسلم، باب مستقل في ذلك.

ولا شك ولا ريب في ثبوت هذه الصفة لله سبحانه، لورود الأحاديث الصحيحة الكثيرة، التي بلغت حد الشهرة والقبول، ومن أولها بنزول رحمته، أو أمره، أو ملائكته، أو حملها على الاستعارة بمعنى: الإقبال على الدعاة بالإجابة واللطف، ونحوها، فقد تحجر واسعا، وأبعد نجعة، وسلك سبيل غير المؤمنين، وخالف السنة المطهرة الواضحة، التي ليلها كنهارها.

"حين يمضي ثلث الليل الأول".

وفي رواية: "حين يبقى ثلث الليل الآخر". وفي أخرى: "إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه".

قال عياض : الصحيح رواية: "حين يبقى ثلث الليل الآخر".

كذا قاله شيوخ الحديث، وهو الذي تظاهرت عليه الأخبار بلفظه ومعناه.

[ ص: 73 ] قال: ويحتمل أن يكون النزول بعد الثلث الأول. وقوله: (من يدعوني) بعد الثلث الأخير.

قال النووي : ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأحد الأمرين في وقت، فأخبر به.

ثم أعلم بالآخر في وقت آخر، فأعلم به.

وسمع أبو هريرة الخبرين، فنقلهما جميعا.

وسمع أبو سعيد الخدري خبر الثلث الأول فقط، فأخبر به مع أبي هريرة.

كما ذكره مسلم في الرواية الأخيرة. وهذا ظاهر.

"وفيه": رد لما أشار إليه عياض من تضعيف رواية الثلث الأول.

وكيف يضعفها وهو عند مسلم في صحيحه، بإسناد لا مطعن فيه عن الصحابيين: أبي سعيد وأبي هريرة؟ والله أعلم.

"فيقول: أنا الملك، أنا الملك". هكذا في الأصول، والروايات؛ مكرر للتوكيد، والتعظيم.

من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر".

"فيه": دليل على امتداد وقت الرحمة، واللطف التام إلى إضاءة الفجر.

[ ص: 74 ] "وفيه": الحث على الدعاء، والاستغفار، في جميع الوقت المذكور إلى إضاءة الفجر.

"وفيه": تنبيه على أن آخر الليل للصلاة، والدعاء، والاستغفار، وغيرها من الطاعات، أفضل من أوله. والله أعلم.

وفي حديث آخر عن أبي هريرة عند مسلم بهذا اللفظ: "ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا. فيقول: هل من سائل يعطى؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصبح".

وفي آخر: "ثم يقول: من يقرض غير عديم ولا ظلوم؟"

وفي الرواية الأخرى: "غير عدوم".

ولفظ أبي سعيد، مع أبي هريرة: "فيقول: هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر".

التالي السابق


الخدمات العلمية