السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1359 (باب في النظائر التي يقرأ سورتين في ركعة)

وقال النووي : (باب ترتيل القراءة، واجتناب الهذ، وهو الإفراط في السرعة، وإباحة سورتين فأكثر في ركعة) .

[ ص: 92 ] (حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 106 - 107 ج6 المطبعة المصرية

[حدثنا شيبان بن فروخ. حدثنا مهدي بن ميمون. حدثنا واصل الأحدب عن أبي وائل. قال: غدونا على عبد الله بن مسعود يوما بعد ما صلينا الغداة. فسلمنا بالباب. فأذن لنا. قال: فمكثنا بالباب هنية. قال: فخرجت الجارية. فقالت: ألا تدخلون؟ فدخلنا فإذا هو جالس يسبح. فقال: ما منعكم أن تدخلوا وقد أذن لكم؟ فقلنا: لا إلا أنا ظننا أن بعض أهل البيت نائم. قال: ظننتم بآل ابن أم عبد غفلة؟ قال: ثم أقبل يسبح حتى ظن أن الشمس قد طلعت. فقال: يا جارية! انظري. هل طلعت؟ قال: فنظرت فإذا هي لم تطلع. فأقبل يسبح. حتى إذا ظن أن الشمس قد طلعت. قال يا جارية! انظري هل طلعت؟ فنظرت فإذا هي قد طلعت، فقال: الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا. (فقال مهدي: وأحسبه قال) : ولم يهلكنا بذنوبنا. قال: فقال رجل من القوم: قرأت المفصل البارحة كله. قال: فقال عبد الله: هذا كهذ الشعر؟ إنا لقد سمعنا القرائن. وإني لأحفظ القرائن التي كان يقرؤهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثمانية عشر من المفصل، وسورتين من آل حم ].


[ ص: 93 ] (الشرح)

(عن أبي وائل قال: غدونا على عبد الله بن مسعود يوما بعد ما صلينا الغداة، فسلمنا بالباب، فأذن لنا. قال: فمكثنا بالباب هنية) بتشديد الياء غير مهموز.

(قال فخرجت الجارية، فقالت: ألا تدخلون؟ فدخلنا فإذا هو جالس يسبح. فقال: ما منعكم أن تدخلوا وقد أذن لكم؟ فقلنا: لا. إلا أنا ظننا أن بعض أهل البيت نائم) .

أي: لا مانع لنا إلا أن توهمنا أن بعض أهل البيت نائم فنزعجه.

ومعنى "ظننا": توهمنا وجوزنا. لا أنهم أرادوا: الظن المعروف للأصوليين، وهو رجحان الاعتقاد.

وفي هذا الحديث مراعاة الرجل لأهل بيته، ورعيته، في أمور دينهم.

(قال: ظننتم بآل ابن أم عبد غفلة؟ قال: ثم أقبل يسبح حتى ظن أن الشمس قد طلعت فقال: يا جارية! انظري هل طلعت؟ قال: فنظرت فإذا هي لم تطلع. فأقبل يسبح، حتى إذا ظن أن الشمس قد طلعت قال: يا جارية! انظري. هل طلعت) ؟.

[ ص: 94 ] "فيه": قبول خبر الواحد، وخبر المرأة، والعمل بالظن مع إمكان اليقين.

لأنه عمل بقولها وهو مفيد للظن، مع قدرته على رؤية الشمس.

(فنظرت، فإذا هي قد طلعت، فقال: الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا [فقال مهدي: وأحسبه قال:] ولم يهلكنا بذنوبنا. قال: فقال رجل من القوم: قرأت المفصل البارحة كله) .

معناه: أن الرجل أخبر بكثرة حفظه وإتقانه.

(قال: فقال عبد الله: هذا كهذ الشعر ؟) .

الهذ. بتشديد الذال. هو شدة الإسراع، والإفراط في العجلة.

"ففيه" النهي عن الهذ. والحث على الترتيل والتدبر. وبه قال جمهور أهل العلم.

قال القاضي: وأباحت طائفة قليلة: الهذ.

وقوله: (كهذ الشعر) ، معناه: في تحفظه وروايته، لا في إنشاده وترنمه، لأنه يرتل في الإنشاد والترنم في العادة.

(إنا لقد سمعنا القرائن، وإني لأحفظ القرائن التي كان يقرؤهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثمانية عشر من المفصل، وسورتين من آل حم) .

يعني: من السور التي أولها "حم". كقولك: فلان من آل فلان.

[ ص: 95 ] قال القاضي: ويجوز أن يكون المراد "حم" نفسها. كما قال في الحديث: (من مزامير آل داود) . أي: داود نفسه.

"وفيه": دليل على أن المفصل ما بعد (آل حم) .

وفي رواية: (إني لأعلم النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن: سورتين في كل ركعة) .

وفسرها في رواية أخرى، فقال: (عشرون سورة، في عشر ركعات من المفصل) ، ولا تعارض فيه، لأن المراد: معظم العشرين من المفصل.

قال أهل العلم: أول القرآن: السبع الطوال، ثم ذوات المئين، وهو ما كان في السورة منها مائة آية، ونحوها. ثم المثاني، ثم المفصل.

وفي أول المفصل خلاف؛

فقيل: من القتال.

وقيل: من الحجرات.

وقيل: من قاف.

"وفيه": جواز سورتين في ركعة.

وسمي مفصلا لقصر سوره، وقرب انفصال بعضهن من بعض.

التالي السابق


الخدمات العلمية