السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1420 [ ص: 124 ] (باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس)

وهو في النووي في الكتاب المشار إليه.

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 148 جـ6 المطبعة المصرية

[ (عن سلمة بن الأكوع ) رضي الله عنه; قال: كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء ) .] .

وفي حديث جابر عند مسلم: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نرجع فنريح نواضحنا) وفسر "الوقت" بزوال الشمس.

وفي الرواية الأخرى: (حين تزول الشمس) .

وفي حديث سهل ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة .


(الشرح)

هذه الأحاديث ظاهرة في تعجيل الجمعة.

وقد قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وجماهير العلماء من [ ص: 125 ] الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم: لا تجوز الجمعة إلا بعد زوال الشمس.

ولم يخالف في هذا إلا أحمد بن حنبل، وإسحاق; فجوزاها قبل الزوال، وهذا التجويز هو الصحيح المختار.

وقد تظاهرت به الأدلة الصحيحة، والسنة الصريحة، التي لا مدفع لها. فظاهرها مع أحمد.

قال عياض : وروي في هذا أشياء عن الصحابة، لا يصح منها شيء، إلا ما عليه الجمهور.

وحمل الجمهور هذه الأحاديث، على المبالغة في تعجيلها.

وأنهم كانوا يؤخرون الغداء والقيلولة في هذا اليوم، إلى ما بعد صلاة الجمعة، لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها.

فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها، خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها.

وكان تتبع الفيء لشدة التبكير، وقصر حيطانه.

وفيه: تصريح بأنه كان قد صار فيء يسير.

وقوله: "ما نجد فيئا نستظل به" موافق لهذا، فإنه لم ينف الفيء من أصله، وإنما نفى ما يستظل به. وهذا مع قصر الحيطان، ظاهر في أن الصلاة كانت بعد الزوال متصلة به. انتهى.

وكل ذلك تأويل يأباه واضح الدليل، وظاهر البرهان.

[ ص: 126 ] قال الشوكاني في "السيل الجرار": إن الأحاديث الصحيحة قد اشتمل بعضها، على التصريح بإيقاع صلاة الجمعة وقت الزوال، كحديث: "سلمة بن الأكوع" في الصحيحين وغيرهما.

وبعضها: فيه التصريح بإيقاعها "قبل الزوال"، كما في حديث جابر عند مسلم وغيره.

وبعضها: محتمل لإيقاع الصلاة قبل الزوال وحاله، كما في حديث سهل بن سعد في الصحيحين وغيرهما.

وكما في حديث أنس عند البخاري وغيره: (قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم نرجع إلى القائلة فنقيل) .

ومجموع هذه الأحاديث: يدل على أن وقت صلاة الجمعة، حال الزوال وقبله.

ولا موجب لتأويل بعضها. وقد وقع من جماعة من الصحابة التجميع قبل الزوال، كما أوضحناه في شرحنا "للمنتقى".

وذلك يدل على تقرير الأمر لديهم وثبوته. انتهى.

فكان هذا الوصف، من خصائص هذه الصلاة في هذا اليوم. والإعمال خير من الإهمال.

التالي السابق


الخدمات العلمية