السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1448 (باب إذا دخل والإمام يخطب يوم الجمعة يركع)

وهو في النووي في الكتاب المتقدم.

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 163 ج6 المطبعة المصرية

[عن أبي الزبير، عن جابر; أنه قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر. فقعد سليك قبل أن يصلي. [ ص: 166 ] فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أركعت ركعتين؟" قال: لا. قال: "قم فاركعهما" . ]


(الشرح)

(عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنهما (أنه قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر. فقعد سليك قبل أن يصلي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أركعت ركعتين؟" قال: لا. قال: "قم فاركعهما" . )

وفي رواية أخرى عنه عند مسلم: (فقال له: "يا سليك! قم فاركع ركعتين. وتجوز فيهما". ثم قال: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما" .

وفي أخرى: (قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، إذ جاء رجل. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أصليت يا فلان؟" قال: لا. قال: "قم فاركع")

وفي رواية: "قم فصل الركعتين" .

وفي أخرى: "صل ركعتين" .

وفي رواية: "أركعت ركعتين؟" .

[ ص: 167 ] وفي أخرى: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة; وقد خرج الإمام، فليصل ركعتين" .

وهذه الروايات كلها، صريحة في الدلالة لمذهب الشافعي ، وأحمد، وإسحاق، وفقهاء المحدثين: أنه يستحب له أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ويكره الجلوس قبل أن يصليهما، وأنه يستحب أن يتجوز فيهما ليسمع بعدهما الخطبة. وحكي هذا عن الحسن البصري، وغيره من المتقدمين أيضا.

وقال مالك، والليث، وأبو حنيفة، وجمهور السلف من الصحابة، والتابعين: لا يصليهما.

وهذه الأحاديث حجة عليهم واضحة، ولا ينافيها الأمر بالإنصات وحديث الباب نص، لا يتطرق إليه تأويل، ولا أظن عالما يبلغه هذه الألفاظ صحيحة فيخالفها.

وقد ذهب العلامة الشوكاني: إلى وجوب "هاتين الركعتين" .

وفي هذه الأحاديث أيضا جواز الكلام في الخطبة لحاجة .

وفيها: جوازه للخطيب وغيره.

وفيها: الأمر بالمعروف، والإرشاد إلى المصالح، في كل حال وموطن.

وفيها: أن تحية المسجد ركعتان ، وأن نوافل النهار ركعتان ، وأن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس، في حق جاهل حكمها.

[ ص: 168 ] ومن أطلق فواتها بالجلوس، فهو محمول على العالم بأنها "سنة" .

أما الجاهل فيتداركها على قرب، لهذا الحديث.

والمستنبط من هذه الأحاديث، أن تحية المسجد: لا تترك في أوقات النهي عن الصلاة.

وأنها: ذات سبب تباح في كل وقت، ويلتحق بها كل ذوات الأسباب، كقضاء الفائتة، ونحو ها.

لأنها لو سقطت في حال، لكان هذا الحال أولى بها، فإنه مأمور باستماع الخطبة.

فلما ترك لها سماع الخطبة، وقطع النبي صلى الله عليه وسلم لها الخطبة، وأمره بها بعد أن قعد، وكان هذا الجالس جاهلا حكمها، دل على تأكدها.

وأنها: لا تترك بحال، ولا في وقت من الأوقات، والله أعلم بالصواب.

التالي السابق


الخدمات العلمية