السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1513 [ ص: 271 ] (باب منه)

وهو في النووي في: (كتاب الكسوف) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 213 ج6 المطبعة المصرية

[ (عن ابن عباس) (قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين كسفت الشمس: ثمان ركعات، في أربع سجدات) .]

قال مسلم: (وعن علي مثل ذلك) .


(الشرح)

أي: ركع (ثمان مرات) ، كل أربع في ركعة. وسجد "سجدتين" في كل ركعة.

وقد صرح بهذا في مسلم، في الرواية الثانية.

قال النووي : واختلفوا في صفتها:

فالمشهور في مذهب الشافعي : أنها ركعتان: في كل ركعة قيامان، وقراءتان، وركوعان.

[ ص: 272 ] وأما السجود، فسجدتان كغيرهما. سواء تمادى الكسوف، أم لا.

وبهذا قال مالك، والليث، وأحمد، وأبو ثور، وجمهور علماء الحجاز، وغيرهم.

وقال الكوفيون: هما ركعتان كسائر النوافل، عملا بظاهر حديث جابر بن سمرة، وأبي بكرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين) .

وحجة الجمهور: حديث عائشة، وجابر، وابن عباس، وابن عمرو ابن العاص : أنها ركعتان؛ في كل ركعة ركوعان، وسجدتان.

قال ابن عبد البر : وهذا أصح ما في الباب.

قال: وباقي الروايات المخالفة، معلة ضعيفة.

وحملوا حديث ابن سمرة، بأنه مطلق. وبهذه الأحاديث تبين المراد به.

وذكر مسلم في رواية عن عائشة، وعن ابن عباس، وعن جابر :

(ركعتين: في كل ركعة، ثلاث ركعات) ومن رواية ابن عباس، وعلي: (ركعتين: في كل ركعة، أربع ركعات) .

قال الحفاظ: الروايات الأول أصح. ورواتها أحفظ، وأضبط.

وفي رواية أبي داود، من رواية أبي بن كعب: (ركعتين؛ في كل ركعة، خمس ركعات) .

وقد قال بكل نوع بعض الصحابة. وقال جماعة من الفقهاء، والمحدثين، وغيرهم: هذه الاختلافات في الروايات، بحسب اختلاف حال الكسوف.

[ ص: 273 ] ففي بعض الأوقات: تأخر انجلاء الكسوف، فزاد عدد الركوع.

وفي بعضها: أسرع الانجلاء، فاقتصر.

وفي بعضها: توسط بين الإسراع والتأخر، فتوسط في عدده.

واعترض الأولون على هذا: بأن تأخر الانجلاء، لا يعلم في أول الحال، ولا في الركعة الأولى.

وقد اتفقت الروايات، على أن عدد الركوع في الركعتين سواء. وهذا يدل على أنه مقصود في نفسه، منوي من أول الحال.

وقال جماعة من العلماء؛ منهم: ابن راهويه، وابن جرير، وابن المنذر : جرت صلاة الكسوف في أوقات. واختلاف صفاتها، محمول على بيان جواز جميع ذلك. فتجوز صلاتها على كل واحد، من الأنواع الثابتة. وهذا قوي. انتهى كلام النووي .

وقد تقدم منا ما يغني عن ذلك كله، وما صح من هذا في اختلاف الصفات، وفي جمع الروايات. فراجع.

والحاصل: أن يقال: إن كانت صلاة الكسوف، لم تقع منه صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة، كما نص على ذلك جماعة من الحفاظ: فالمصير إلى الترجيح متعين.

وأصح ما ورد فيها: (ركعتان، في كل ركعة ركوعان) ، لكونه في الصحيحين مثبتا.

[ ص: 274 ] وإن صح أن صلاة الكسوف، وقعت أكثر من مرة، كما ذهب إليه البعض، فالمتعين: الجمع بين الأحاديث، بتعدد الواقعة. فلا معارضة بينها.

ثم ذكر النووي بعض الفروع، على هذا الكلام:

كقراءة الفاتحة في القيام الأول، دون الثاني.

وأن القيام الثاني، يكون أقصر من الأول.

وإطالة القراءة، والركوع، والسجود.

واختلاف الفقهاء في هذه كلها، وفي الخطبة لها.

وذلك كله ليس من غرضنا، في هذا الكتاب.

وجملة القول فيه: أن يأتي في هذه الصلاة وأركانها، بما أتى به صلى الله عليه وسلم، ولا يزيد عليه، ولا ينقص منه.

وغالب هذه التفريعات، التي تراها في كتب القوم، ليس من العلم في شيء.

التالي السابق


الخدمات العلمية