السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
1616 (باب الصلاة على الميت بالمسجد)

وذكره النووي في: (كتاب الجنائز) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 39 ج7 المطبعة المصرية

[ (عن عباد بن عبد الله بن الزبير يحدث عن عائشة ) (أنها لما توفي سعد بن أبي وقاص) أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أن يمروا بجنازته في المسجد فيصلين عليه، ففعلوا، فوقف به على حجرهن يصلين عليه. أخرج به من باب [ ص: 348 ] الجنائز، الذي كان إلى المقاعد. فبلغهن أن الناس عابوا ذلك وقالوا: ما كانت الجنائز يدخل بها المسجد. فبلغ ذلك عائشة، فقالت: ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به! عابوا علينا أن يمر بجنازة في المسجد. وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في جوف المسجد ) .] وفي رواية: (لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد .

وفي رواية: ( سهيل وأخيه ) .


(الشرح)

قال مسلم: سهيل بن دعد، وهو ابن البيضاء. أمه بيضاء.

قال أهل العلم: بنو بيضاء ثلاثة إخوة: (سهل، وسهيل، وصفوان) . وأمهم "البيضاء". اسمها: " دعد". والبيضاء وصف. وأبوهم: وهب بن ربيعة القرشي الفهري.

وكان سهيل قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وغيرها.

[ ص: 349 ] توفي سنة تسع من الهجرة رضي الله عنه.

قال النووي : هذا الحديث دليل للشافعي، والأكثرين؛ في جواز الصلاة على الميت في المسجد. ومن قال به: أحمد، وإسحاق.

قال ابن عبد البر : ورواه المدنيون في (الموطأ) عن مالك، وبه قال ابن حبيب المالكي.

وقال ابن أبي ذئب، وأبو حنيفة، ومالك على المشهور عنه: لا تصح الصلاة في المسجد، لحديث في (سنن أبي داود) :

(من صلى على جنازة في المسجد، فلا شيء له) .

ودليل الشافعي والجمهور: حديث سهيل بن بيضاء.

وأجابوا عن حديث أبي داود بأجوبة:

"أحدها": أنه ضعيف، لا يصح الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل:

هذا حديث ضعيف، تفرد به صالح مولى التوأمة: وهو ضعيف.

"والثاني": أن الذي في النسخ المشهورة المحققة، المسموعة من سنن أبي داود: "من صلى على جنازة في المسجد، فلا شيء عليه"، ولا حجة لهم حينئذ فيه.

[ ص: 350 ] "الثالث": أنه لو ثبت الحديث، وثبت أنه قال: "فلا شيء له"، لوجب تأويله على: "فلا شيء عليه"، ليجمع بين الروايتين. "وبين" هذا الحديث، وحديث "سهيل" بن بيضاء.

وقد جاء: "له " بمعنى: "عليه ". كقوله تعالى: وإن أسأتم فلها .

"الرابع": أنه محمول على نقص الأجر، في حق من صلى في المسجد ورجع، ولم يشيعها إلى المقبرة، لما فاته من تشييعه إليها، وحضور دفنه. والله أعلم.

قلت: هذا الوجه كالوجه الثالث، ضعيف جدا.

والوجه الأول كالوجه الثاني، واضح.

وأيضا: حديث " أبي داود"، لا يصلح لمعارضة ما في صحيح مسلم.

وصلاة الجنازة صلاة من الصلوات، وجميع الصلوات مفعولة في المسجد وفي غيره، فلا وجه للقول بعدم جوازه.

قال النووي : وفي حديث سهيل هذا، دليل لطهارة الآدمي الميت، وهو الصحيح في مذهبنا. انتهى.

[ ص: 351 ] قلت: وهو الذي تدل له الأدلة. كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن لا ينجس".

وقول أبي بكر رضي الله عنه: "طبت حيا وميتا".

وحديث الباب، رواه مسلم بطرق مختصرا، ومطولا. وهو حجة على مانع هذه الصلاة في المسجد.

التالي السابق


الخدمات العلمية