السنن الكبرى للنسائي

النسائي - أحمد بن شعيب النسائي

صفحة جزء
178 - قوله تعالى :

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين

11342 - أخبرنا يوسف بن سعيد ، حدثنا حجاج بن محمد ، حدثنا ليث بن سعد ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك : أن عبد الله بن كعب بن مالك ، - وكان قائد كعب من بنيه حين عمي - قال :

سمعت كعب بن مالك ، يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، قال : فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله منا ، قد ضاقت علي نفسي ، وضاقت علي الأرض بما رحبت ، سمعت صارخا أوفى [ ص: 144 ] على أعلى جبل بأعلى صوت : يا كعب بن مالك أبشر ، قال : فخررت ساجدا ، وعرفت أن قد جاء فرج ، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر ، فدهم الناس يبشرونا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض رجل إلي فرسا ، وسعى ساع من أسلم ، فأوفى على جبل ، فكان الصوت أسرع من الفرس ، فلما جاءني الذي سمعت صوته ؛ بشرني ، نزعت ثوبي ، فكسوته إياهما بشارة ، والله ما أملك غيرهما ، واستعرت ثوبين ، فلبستهما ، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة ، يقولون : لتهنئك توبة الله عليك ، قال كعب : حتى دخلت المسجد ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا حوله الناس ، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ، ووالله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ، ولا أنساها لطلحة ، قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وهو يبرق وجهه من السرور : أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك فقلت : من عندك يا رسول الله ، أو من عند الله ؟ قال : " لا ، بل من عند الله " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه ، فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله تبارك وتعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمسك عليك بعض مالك فهو خير [ ص: 145 ] لك " قلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر ، قلت : يا رسول الله ، إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقا ما بقيت ، فوالله ما أحد من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني ، وما تعلمون منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم كذبا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي ، فأنزل الله عز وجل : لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ، تلا إلى : الصادقين ، فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام بأعظم في نفسي من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ألا أكون كذبته ، فأهلك كما هلك الذين كذبوه ، حتى أنزل الوحي بشر ما قال لأحد : سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم ، إلى : الفاسقين ، قال كعب : وكنا تخلفنا - أيها الثلاثة - عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له ، فبايعهم واستغفر لهم ، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه ، فلذلك قال الله عز وجل : وعلى الثلاثة الذين خلفوا ، وليس الذي ذكر الله تخلفنا عن الغزو ، وإنما هو تخليفه إيانا ، وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له ، واعتذر إليه ، فقبل منه . مختصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية