السنن الكبرى للنسائي

النسائي - أحمد بن شعيب النسائي

صفحة جزء
[ ص: 246 ] 509 - أخبرنا إسماعيل بن مسعود عن خالد قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا قتادة عن زرارة بن أوفى ، عن سعد بن هشام - أنه أتى عبد الله بن عباس فسأله عن الوتر ، فقال : ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : من ؟ قال : عائشة . ائتها فسلها ، ثم ارجع إلي فأخبرني بردها عليك ! فانطلقنا إلى عائشة ، فاستأذنا عليها فدخلنا . قلت : يا أم المؤمنين ، أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قالت : ألست تقرأ القرآن ؟ قلت : بلى . قالت : فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن .

فهممت أن أقوم ، فلا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت . قلت : أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قالت : ألست تقرأ هذه السورة « يا أيها المزمل ؟ » قلت : بلى . قالت : فإن الله افترض القيام في أول هذه السورة ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا ، حتى انتفخت أقدامهم . وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء ، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة ، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة .

قلت : يا أم المؤمنين ، أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قالت : كنا نعد له طهوره وسواكه ، فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل ، فيتسوك ويتوضأ . ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة ، فيحمد ربه ويدعوه ويذكره . ثم ينهض ولا يسلم ، ويصلي التاسعة فيجلس، فيذكر ربه ويحمده ويدعوه . ثم يسلم تسليما يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين وهو قاعد بعد ما يسلم . فتلك إحدى عشرة يا بني .

فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم صلى سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن ، وصلى ركعتين وهو قاعد بعد ما يسلم ، فتلك تسع يا بني . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها ، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا شغله [ ص: 247 ] أمر أو غلبه نوم أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة . ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ، ولا قام ليلة حتى أصبح ، ولا صام شهرا قط كاملا غير رمضان .

فأتيت ابن عباس ، فأنبأته بحديثها . فقال : صدقت ، أما إني لو كنت أدخل عليها لأتيتها حتى تشافهني به مشافهة ! قلت : لو علمت أنك لا تأتيها ما أنبأتك بحديثها .


التالي السابق


الخدمات العلمية