السنن الكبرى للنسائي

النسائي - أحمد بن شعيب النسائي

صفحة جزء
8519 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا أبو عامر ، وعثمان بن عمر ، عن إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان ، خرج هو وإسماعيل وأم إسماعيل ، ومعهم شنة - يعني - فيها ماء ، فجعلت تشرب الماء ويدر لبنها على صبيها ، حتى إذا دخلوا مكة وضعها تحت دوحة ، ثم [ ص: 461 ] تولى راجعا ، وتتبع أم إسماعيل أثره ، حتى إذا بلغت كداء نادته : يا إبراهيم ، إلى من تتركنا ؟ - قال أبو عامر : إلى من تكلنا ؟ - قال : إلى الله عز وجل ، قالت : رضيت بالله ، ثم رجعت ، فجعلت تشرب منها ، ويدر لبنها على صبيها ، فلما فني بلغ من الصبي العطش ، قالت : لو ذهبت فنظرت ؛ لعلي أحس أحدا ، فقامت على الصفا ، فإذا هي لا تحس أحدا ، فنزلت ، فلما حاذت بالوادي رفعت إزارها ، ثم سعت حتى تأتي المروة ، فنظرت فلم تحس أحدا ، ففعلت ذلك أشواطا ، ثم قالت : لو اطلعت حتى أنظر ما فعل ، فإذا هو على حاله ، فأبت نفسها حتى رجعت لعلها تحس أحدا ، فصنعت ذلك حتى أتمت سبعا ، ثم قالت : لو اطلعت حتى أنظر ما فعل ، فإذا هو على حاله ، وإذا هي تسمع صوتا ، فقالت : قد سمعت ، فقل تحب ، أو يأتي منك خير - قال أبو عامر : قد سمعت فأغث - فإذا هو جبريل ، فركض بقدمه ، فنبع ، فذهبت أم إسماعيل تحفر .

قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : لو تركت أم إسماعيل الماء كان ظاهرا . فمر ناس من جرهم ، فإذا هم بالطير ، فقالوا : ما يكون هذا الطير إلا على ماء ، فأرسلوا رسولهم وكريهم ، فجاؤوا إليها ، فقالوا : [ ص: 462 ] ألا نكون معك ؟ قالت : بلى ، فسكنوا معها ، وتزوج إسماعيل صلى الله عليه وسلم امرأة منهم ، ثم إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بدا له ، قال : إني مطلع تركتي ، فجاء فسأل عن إسماعيل : أين هو ؟ فقالوا : يصيد ، ولم يعرضوا عليه شيئا ، قال : إذا جاء فقولوا له : يغير عتبة بيته ، فجاء فأخبرته ، فقال : أنت ذلك ، فانطلقي إلى أهلك ، ثم إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بدا له ، فقال : إني مطلع تركتي ، فجاء أهل إسماعيل ، فقال : أين هو ؟ قالوا : ذهب يصيد ، وقالوا له : انزل فاطعم واشرب ، قال : وما طعامكم وشرابكم ؟ قالوا : طعامنا اللحم ، وشرابنا الماء ، قال : اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم .

قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : فلا تزال فيه بركة بدعوة إبراهيم صلى الله عليه وسلم . ثم إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بدا له ، فقال : إني مطلع تركتي ، فجاء ، فإذا إسماعيل وراء زمزم ، يصلح نبلا له صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا إسماعيل ، إن ربك عز وجل قد أمرني أن أبني له بيتا ، قال : أطع ربك ، قال : وقد أمرني أن تعينني عليه ، قال : فجعل إسماعيل صلى الله عليه وسلم يناول إبراهيم الحجارة ، ويقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، فلما أن رفع البنيان ، وضعف الشيخ عن رفع الحجارة ، فقام على المقام ، وجعل إسماعيل يناوله الحجارة ، ويقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
.

التالي السابق


الخدمات العلمية