1. الرئيسية
  2. السنن الكبرى للنسائي
  3. كتاب الخصائص
  4. ذكر مناظرة ابن عباس للحرورية واحتجاجه فيما أنكروه على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

السنن الكبرى للنسائي

النسائي - أحمد بن شعيب النسائي

صفحة جزء
50 - ذكر مناظرة عبد الله بن عباس الحرورية ، واحتجاجه فيما أنكروه على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه

8721 - أخبرنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، قال : حدثني أبو زميل ، قال : حدثني عبد الله بن عباس ، قال : لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار ، وكانوا ستة آلاف ، فقلت لعلي : يا أمير المؤمنين ، أبرد بالصلاة ؛ لعلي أكلم هؤلاء القوم ، قال : إني أخافهم عليك ، قلت : كلا ، فلبست ، وترجلت ، ودخلت عليهم في دار نصف النهار ، وهم يأكلون ، فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس ، فما جاء بك ؟ قلت لهم : أتيتكم من عند [ ص: 559 ] أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - المهاجرين والأنصار ، ومن عند ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وصهره ، وعليهم نزل القرآن ، فهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد ؛ لأبلغكم ما يقولون ، وأبلغهم ما تقولون ، فانتحى لي نفر منهم ، قلت : هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمه ، قالوا : ثلاث ، قلت : ما هن ؟

قال : أما إحداهن ، فإنه حكم الرجال في أمر الله ، وقال الله : إن الحكم إلا لله . ما شأن الرجال والحكم ؟ قلت : هذه واحدة . قالوا : وأما الثانية ، فإنه قاتل ، ولم يسب ، ولم يغنم ، إن كانوا كفارا لقد حل سباهم ، ولئن كانوا مؤمنين ما حل سباهم ولا قتالهم . قلت : هذه ثنتان ، فما الثالثة ؟ - وذكر كلمة معناها - قالوا : محى نفسه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ، قلت : هل عندكم شيء غير هذا ؟ قالوا : حسبنا هذا ، قلت لهم : أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما يرد قولكم أترجعون ؟ قالوا : نعم . قلت : أما قولكم : حكم الرجال في أمر الله ، فإني أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صير الله حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم ، فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه ، أرأيت قول الله تبارك وتعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم . وكان من حكم الله أنه صيره إلى الرجال [ ص: 560 ] يحكمون فيه ، ولو شاء لحكم فيه ، فجاز فيه حكم الرجال ، أنشدكم بالله ، أحكم الرجال في صلاح ذات البين وحقن دمائهم أفضل أو في أرنب ؟ قالوا : بلى ، بل هذا أفضل . وفي المرأة وزوجها : وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها . فنشدتكم بالله ، حكم الرجال في صلاح ذات بينهم ، وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة ؟ خرجت من هذه ؟ قالوا : نعم .

قلت : وأما قولكم : قاتل ولم يسب ولم يغنم ، أفتسبون أمكم عائشة ، تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ، وهي أمكم ؟ فإن قلتم : إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم ، وإن قلتم : ليست بأمنا ، فقد كفرتم : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ، فأنتم بين ضلالتين ، فأتوا منها بمخرج ، أفخرجت من هذه ؟ قالوا : نعم .

وأما محي نفسه من أمير المؤمنين ، فأنا آتيكم بما ترضون . إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية صالح المشركين ، فقال لعلي : اكتب يا علي : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله . قالوا : لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : امح يا علي ، اللهم إنك تعلم أني رسول الله ، امح يا علي ، واكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله . والله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير من علي ، وقد محى نفسه ، ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوة ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : نعم ، فرجع منهم ألفان ، وخرج سائرهم ، فقتلوا على ضلالتهم ، فقتلهم المهاجرون والأنصار
.

التالي السابق


الخدمات العلمية