صفحة جزء
[ ص: 1 ] فتح الرحمن في تفسير القرآن

تأليف

الإمام القاضي مجير الدين بن محمد العليمي المقدسي الحنبلي

المولود سنة (860 هـ) - والمتوفى سنة (927 هـ)

رحمه الله تعالى

[ ص: 2 ] [ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده، حمدا يليق بجلال عظمته ورفيع مجده.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله سبح كل شيء بحمده.

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ونبيه الذي أرسله رحمة للعالمين وأيده بملائكة من عنده، وصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره وجنده.

أما بعد:

فهذا كتاب لخصته مختصرا، وهذبت لفظه محررا، يتضمن نبذة من تفسير القرآن العظيم، وتأويل ما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

اعتمدت في نقله على كتب أئمة الإسلام، وانتقيته من فوائد العلماء الأعلام.

وذكرت فيه خلاف القراء العشرة المشهورين الذين تواترت قراءتهم، واشتهرت روايتهم من طرق الرواة الثقات، والأئمة الأثبات.

وهم: أبو رويم نافع بن عبد الرحمن، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المدنيان، وأبو معبد عبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو زبان بن العلاء المازني، وأبو محمد يعقوب بن زيد الحضرمي البصريان، وأبو عمران [ ص: 4 ] عبد الله بن عامر الشامي، وأبو بكر عاصم بن أبي النجود الأسدي، وأبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات، وأبو الحسن علي بن حمزة الكسائي الكوفيون.

ويدخل معهم أبو محمد خلف بن هشام البزاز; لموافقته لهم -رضي الله عنهم أجمعين-.

وذكرت فيه أربعة وقوف: التام، والكافي، والحسن، والقبيح مما اختاره الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني -رحمه الله- وغيره. وكتبت لفظ الكتاب العزيز بالأحمر، وتفسيره بالأسود، وإشارة الوقوف بين الأسطر بالأصفر، فللتام (ت)، وللكافي (ك)، وللحسن (ح) وللقبيح (ق).

فالوقف التام هو الذي يحسن القطع عليه والابتداء بما بعده; لأنه لا يتعلق بشيء مما بعده.

والكافي هو الذي يحسن الوقف عليه أيضا، والابتداء بما بعده، غير أن الذي بعده متعلق به من جهة المعنى دون اللفظ.

والحسن هو الذي يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده; لتعلقه به من جهة اللفظ والمعنى جميعا، ويسمى هذا الضرب: صالحا; إذ لا يمكن القارئ أن يقف في كل موضع على تام ولا كاف; لأن نفسه ينقطع دون ذلك.

وأما الوقف القبيح، فهو الذي لا يعرف المراد منه، وذلك نحو الوقف [ ص: 5 ] على قوله: (بسم) و (مالك) و (رب) و (رسل) وشبهه، والابتداء بقوله: (الله) و (يوم الدين) و (العالمين) و (السموات) و (الله); لأنه إذا وقف على ذلك لم يعلم إلى أي شيء أضيف، وهذا يسمى وقف الضرورة; لتمكن انقطاع النفس عنده، والجلة من القراء وأهل الأداء ينهون عن الوقف على هذا الضرب، وينكرونه، ويستحبون لمن انقطع نفسه عليه أن يرجع إلى ما قبله حتى يصله بما بعده، وغيره يستحبون الوقف على القبيح; لأن القارئ يقدر على تفقده وتجنبه. -

وإذا كان في الآية الشريفة حكم متفق عليه، أو مختلف فيه بين الأئمة الأربعة، وهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد -رضي الله عنهم- ذكرته ملخصا، ولم ألتزم استيعاب الأحكام، بل أذكر المهم حسب الإمكان، ولم أتعرض لاختيار غيرهم من الأئمة المتقدمين، وحيث أقول في الحكم: بالاتفاق، فالمراد: اتفاق الأربعة المشار إليهم.

وربما ذكرت مذاهبهم في شيء من أصول الدين والفقه على سبيل الاختصار في محل يناسبه، والله الموفق.

وقد جعلت في أوله قبل الشروع في التفسير عشرة فصول ضمنتها فوائد مما يتعلق بفضائل القرآن العظيم، وما ورد في تفسيره وجمعه وكتابته، وغير ذلك مما يحسن ذكره إن شاء الله تعالى.

والله سبحانه المسئول أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به بمنه وكرمه، إنه منان كريم.

* * *

التالي


الخدمات العلمية