صفحة جزء
بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون .

[117] بديع السماوات والأرض أبدع; أي: اخترع بلا مثال سبق.

وإذا قضى أمرا أي: قدره، وأصل القضاء: الفراغ، ومنه قيل لمن مات: قضي عليه; لفراغه من الدنيا، ومنه قضاء الله وقدره; لأنه فرغ منه تقديرا وتدبيرا، وقد ورد لفظ القضاء في القرآن على عشرة أوجه سيأتي ذكرها في سورة الزخرف -إن شاء الله تعالى-.

فإنما يقول له كن فيكون أي: احدث فيحدث. قرأ ابن عامر : (كن فيكون) بنصب النون في جميع المواضع، إلا في آل عمران: كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين [آل عمران: 59، 60] ، وفي الأنعام: كن فيكون قوله الحق [الأنعام: 73] ، وإنما نصبها; لأن جواب الأمر بالفاء يكون منصوبا. وقرأ الباقون: بالرفع على معنى: فهو يكون، فأما [ ص: 184 ] حرف آل عمران، فإن معناه: كن، فكان، وأما حرف الأنعام، فمعناه الإخبار عن القيامة، وهو كائن لا محالة، ولكنه لما كان ما يراد في القرآن من ذكر القيامة كثيرا يذكر بلفظ الماضي; نحو: فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء [الحاقة: 15، 16] ، ونحو: وجاء ربك [الفجر: 22] ، ونحو ذلك، فشابه ذلك، فرفع، ولا شك أنه إذا اختلفت المعاني اختلفت الألفاظ. قال الأخفش الدمشقي: إنما رفع ابن عامر في الأنعام على معنى سين الخبر; أي: فسيكون.

التالي السابق


الخدمات العلمية