صفحة جزء
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [الكهف : 110] .

[110] قل إنما أنا بشر آدمي مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد منزه عما لا يليق به ، وكان كفرهم بعبادة الأصنام ، فلذلك خصص هذا الفعل فيما أوحي إليه فمن كان يرجو لقاء ربه يأمل حسن لقائه .

فليعمل عملا صالحا خالصا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا لا يرائي بعمله .

قال ابن عباس : نزلت في جندب بن زهير العامري ، قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إني أعمل العمل لله تعالى ، فإذا اطلع عليه ، سرني ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، ولا يقبل ما شورك فيه" ، فنزلت .

وعنه -عليه السلام- : "اتقوا الشرك الأصغر" ، قالوا : وما الشرك الأصغر ؟ قال : "الرياء" . [ ص: 228 ]

وقال - صلى الله عليه وسلم - : "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ، عصم من فتنة الدجال" .

وعنه - صلى الله عليه وسلم - : "من قرأ سورة الكهف ، فهو معصوم ثمانية أيام من كل فتنة ، فإن خرج الدجال في الأيام الثمانية ، عصمه الله من فتنة الدجال" .

وروي عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي ، فذكر الدجال ، فقال : "آت بين يديه ثلاث سنين : سنة تمسك السماء ثلث قطرها ، والأرض ثلث نباتها ، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها ، والأرض ثلثي نباتها ، والثالثة تمسك السماء قطرها كله ، والأرض نباتها كله ، فلا يبقى ذات ظلف ولا ذات ضرس من البهائم إلا هلك ؛ وإن من أشد فتنته أن يأتي الأعرابي فيقول : أرأيت إن أحييت لك إبلك ، ألست تعلم أني ربك ؟ فيقول : بلى ، فيمثل له نحو إبله كأحسن ما تكون ضروعا ، وأعظمه أسنمة ، قال : ويأتي الرجل قد مات أخوه ، ومات أبوه ، فيقول : أرأيت إن أحييت لك أباك ، وأحييت لك أخاك ، ألست تعلم أني ربك ؟ فيقول : بلى ، فيمثل له الشياطين نحو أبيه وأخيه ، قالت : ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته ، ثم رجع والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم به ، فأخذ بلحمتي الباب ، فقال : مهيم أسماء ؟ قلت : يا رسول الله! لقد خلعت [ ص: 229 ] أفئدتنا بذكر الدجال ، قال : إن يخرج ، فأنا حجيجه ، وإلا فإن ربي خليفتي على كل مؤمن ، قالت أسماء : فقلت : يا رسول الله! والله إنا لنعجنن عجيننا ، فما نخبزه حتى نجوع ، فكيف بالمؤمنين يومئذ ؟ قال : يجزئهم ما يجزئ أهل السماء من التسبيح والتقديس" .

ومما ورد في أمر الدجال : ما روي عن الضحاك أنه قال : "الدجال ليس له لحية ، وافر الشارب ، طول وجهه ذراعان ، وقامته في السماء ثمانون ذراعا ، وعرض ما بين منكبيه ثلاثون ذراعا ، ثيابه وخفاه وسرجه ولجامه بالذهب والجوهر ، وعلى رأسه تاج مرصع بالذهب والجوهر ، هيئته المجوس ، وكلامه الفارسية ، تطوى له الأرض ولأصحابه طيا طيا ، يطأ مجامعها ، ويرد مناهلها إلا المساجد الأربعة : مسجد مكة ، ومسجد المدينة ، ومسجد بيت المقدس ، ومسجد الطور" .

وفي الحديث الشريف : أن عينه اليمنى طافية . [ ص: 230 ]

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم ذكر الدجال فقال : "إني لأنذركموه ، وما من نبي إلا أنذره قومه ، لقد أنذره نوح قومه ، ولكنني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه ، تعلمون أنه أعور ، وأن الله ليس بأعور" .

وعن خالد بن معدان قال : عصمة المؤمنين من المسيح الدجال بيت المقدس .

وعن ربيعة بن يزيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تزالون تقاتلون الكفار حتى تقاتل بقيتكم جنود الدجال ببطن الأردن ، بينكم النهر ، أنتم غربيه ، وهم شرقيه" ، قال ربيعة : فقال المحدث من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فما سمعت بنهر الأردن إلا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

والأردن هو نهر الشريعة المذكور في قوله تعالى : إن الله [ ص: 231 ] مبتليكم بنهر [البقرة : 249] ، وهو شرقي بيت المقدس ، ومسافته عنه نحو يوم .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يتبع الدجال من أمتي سبعون ألفا عليهم التيجان" .

ويرويه أبو أمامة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "ومع الدجال يومئذ سبعون ألف يهودي كلهم ذو تاج وسيف محلى" .

وروي أن نبي الله عيسى - صلى الله عليه وسلم - يأخذ من حجارة بيت المقدس ثلاثة أحجار : الأول منها يقول : باسم إله إبراهيم ، والثاني : باسم إله إسحاق ، والثالث باسم إله يعقوب ، ثم يخرج بمن تبعه من المسلمين إلى الدجال ، فإذا رآه ، انهزم عنه ، فيدركه عند باب لد ، فيرميه بأول حجر ، فيضعه بين عينيه ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، فيقع ، فيضربه عيسى فيقتله ، فيقتل الدجال واليهود ، حتى إن الحجر والشجر ليقولان : يا مؤمن هذا تحتي يهودي ، فأته فاقتله . [ ص: 232 ]

قال - صلى الله عليه وسلم - : "يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم إماما مقسطا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير" .

وأما لد ، فهي بليدة بأرض فلسطين شمالي مدينة الرملة ، مسافتها عن بيت المقدس نحو يوم ، والله أعلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية