صفحة جزء
[ ص: 381 ]

وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين [الأنبياء : 83] .

[83] وأيوب أي : واذكره إذ نادى ربه لما ابتلي بفقد جميع ماله وولده ، وتمزيق جسده ، وكان برا تقيا رحيما بالمساكين ، مؤديا لحق الله ، شاكرا لأنعم الله ، وتقدم ذكر نسبه في سورة النساء ، وكان صاحب أموال عظيمة ، وكانت له الثنية جميعها من أعمال دمشق ملكها ، فابتلاه الله تعالى بأن أذهب أمواله حتى صار فقيرا ، ثم ابتلاه في جسده حتى تجذم ودود ، وبقي رميا على مزبلة لا يطيق أحد أن يشم رائحته ، ورفضه كل الناس غير زوجته رحمة بنت أفراييم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام ؛ فإنها استمرت صابرة تخدمه حتى باعت ظفيرتها بشيء أكله ، فتزايا لها إبليس ، وقال لها : اسجدي لي لأرد مالكم ، فاستأذنت أيوب ، فغضب وحلف ليضربنها مئة ، ثم عافاه الله تعالى بعد ثلاث سنين ، أو سبع ، ورزقه ، ورد على امرأته شبابها وحسنها ، وولدت له ستة وعشرين ذكرا ، [ ص: 382 ] ولما عوفي ، أمره الله أن يأخذ عرجونا من النخل فيه مئة شمراخ ، فيضرب به زوجته رحمة ؛ ليبر في يمينه ، ففعل ، وكان أيوب نبيا في عهد يعقوب ، وعاش ثلاثا وتسعين سنة أني أي : بأني مسني الضر أي : الضرر والشدة . قرأ حمزة : (مسني الضر ) بإسكان الياء ، والباقون : بفتحها وأنت أرحم الراحمين وشكواه لم تخرجه عن الصبر ، ولذلك وصف بالصبر بقوله تعالى : إنا وجدناه صابرا [ص : 44] ؛ لأنها إلى الخالق بأوجز عبارة ، وألطف إشارة إلى أنه تعالى أهل أن يرحم ، وأيوب أهل أن يرحم ، وفي الحديث : "إذا أحب الله عبدا ابتلاه ؛ ليسمع تضرعه" .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية