صفحة جزء
قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين .

[57] قل إني على بينة ويقين. [ ص: 406 ]

من ربي وكذبتم به أي: بما جئت به، وكانوا قد استعجلوا العذاب، فقال -صلى الله عليه وسلم-:

ما عندي ما تستعجلون به من العذاب.

إن الحكم إلا لله لا لي.

يقص الحق من القضاء: الحكم; أي: يقضي القضاء الحق. قرأ نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وعاصم: (يقص الحق) بضم القاف والصاد المهملة مشددا; أي: يقول الحق; لأنه في جميع المصاحف بغير ياء، ولأنه قال: (الحق) ولم يقل: بالحق، وقرأ الباقون (يقض) بسكون القاف وكسر الضاد المعجمة; من قضيت; أي: يحكم بالحق; بدليل أنه قال:

وهو خير الفاصلين أي: الحاكمين، وحذفت الياء لاستثقال الألف واللام; كقوله: صال الجحيم [الصافات: 163] ، ونحوها، وأثبت يعقوب الياء وقفا. والقضاء شرعا: هو الإلزام وفصل الحكومات، ومنصب القضاء فرض كفاية بالاتفاق، ويجب على من يصلح له إذا طلب ولم يوجد غيره ممن يوثق به الدخول فيه بغير خلاف، قال الإمام أحمد: إلا أن يشغله عما هو أهم منه. ويشترط في القاضي: العدالة والاجتهاد عند الثلاثة، وقال أبو حنيفة: يجوز قضاء الفاسق، ولا ينبغي أن يولى، ويجوز تقليد الجاهل; لأنه يقدر على القضاء بالاستفتاء، والأولى أن يكون عالما. [ ص: 407 ]

واختلفوا في صحة قضاء المرأة، فقال أبو حنيفة: يصح قضاؤها فيما تقبل فيه شهادتها، وهو ما عدا الحدود والقصاص، وقال الثلاثة: لا يصح قضاؤها مطلقا.

ويجوز القضاء على الغائب عند الثلاثة خلافا لأبي حنيفة.

ويصح التحكيم لمن يصلح للقضاء بالاتفاق، واختلفوا في حكمه، فقال أحمد: ينفذ حتى في حد وقود، فهو كحاكم الإمام مطلقا، وقال مالك: حكمه ماض في الأموال، فلو حكم بقتل، أو اقتص أو حد أو لاعن أدب ومضى ما لم يكن جورا بينا، قال الشافعي: يصح مطلقا في غير حد لله تعالى، وقال أبو حنيفة مثله، لكن إذا رفع إلى حاكم آخر أمضاه إن وافق مذهبه، وإن لم يوافقه أبطله، والحكم شرعا: أمر ونهي يتضمن إلزاما.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية