صفحة جزء
م3 - واتفقوا : على أن من شرط تعليم سباع البهائم أن يكون إذا أرسله استرسل ، وإذا زجره انزجر . [ ص: 568 ] ثم اختلفوا : فيما وراء ذلك من ترك الأكل هل هو من شرط التعليم في سباع البهائم ؟ .

فاشترطه الكل ، ما عدا مالكا فإنه لم يشترطه ، بل قال : متى كان إذا زجره انزجر ، وإذا أمره ائتمر جاز أكل ما صاده ، وإن أكل منه الكلب إذا مات الصيد .

ثم اختلف : مشترطو التعليم في حده .

فقال أبو حنيفة : حقيقة كونه معلما لا أعرفه ، وإنما يعرف معلما بالظاهر ، ومتى يحكم بكونه معلما في الظاهر ، فيه عنه روايتان :

إحداهما : وهي رواية الأصول : أنه إذا قال أهل الخبرة بذلك : هذا معلم .

حكمنا بكونه معلما ظاهرا .

والثانية : أنه إذا ترك الأكل ثلاث مرات ممسكا له على صاحبه صار معلما ظاهرا ، وحل أكل الصيد الثالث مع شرطه لإمساكه .

وقال صاحباه : إنما يحل أكل صيده ، الرابع لا الثالث . [ ص: 569 ]

وقال الشافعي متى صار إذا أرسله استرسل وإذا زجره انزجر ، وأمسك ولم يأكل ، وتكرر ذلك منه صار معلما .

ولم يقدر أصحابه عدد المرات وإنما اعتبروا العرف في ذلك .

وقال أحمد : حد التعليم في الكلب أن لا يأكل الكلب مما يصطاده حتى يطعمه صاحبه .

وفائدة الخلاف بين أبي حنيفة ، وأحمد في هذه المسألة تبين في صورة ، وهي أنه متى أكل الكلب من الصيد بعد ما حكم بكونه معلما ظاهرا ، فعند أبي حنيفة : لا يحل أكل ما أكل منه ، ولا ما بقي عنده من صيد صاده قبل ذلك ، وقد بطل تعليمه الأول ، ولا يؤكل من صيده حتى يعلم تعليما ثانيا .

وعن أحمد روايتان : إحداهما : حل ذلك ، وكذلك في تحريم ما صاده الكلب قبل ذلك ، فإن الأظهر من مذهبه حل ذلك .

والثانية من الروايتين : لا يحل فيهما ، كمذهب أبي حنيفة . [ ص: 570 ]

وعن الشافعي في حل الصيد الذي أكل منه الكلب بعد أن حكم بكونه معلما قولان .

م4 - واتفقوا : على أن سائر الجوارح سوى الكلب لا يعتبر في حد تعلمه ترك الأكل مما صاده ، وإنما تعليمه هو أن يرجع إلى صاحبه إذا دعاه .

التالي السابق


الخدمات العلمية