صفحة جزء
ومنها : أنهم كانوا يسيبون السوائب والبحائر تقربا إلى شركائهم .

فقال تعالى : ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة [المائدة : 103] الآية .

ومنها : أنهم كانوا يعتقدون في أناس أن أسماءهم مباركة معظمة .

وكانوا يعتقدون أن الحلف بأسمائهم على الكذب يستوجب حرما في ماله وأهله ، فلا يقدمون على ذلك.

ولذلك كانوا يستحلفون الخصوم بأسماء الشركاء بزعمهم ، فنهوا عن ذلك.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله ، فقد أشرك » .

وقد فسره بعض المحدثين على معنى التغليظ ، والتهديد .

ولا أقول بذلك، وإنما المراد عندي : اليمين المنعقدة ، واليمين الغموس باسم غير الله تعالى على اعتقاد ما ذكرنا .

ومنها : الحج لغير الله تعالى ، وذلك أن يقصد مواضع متبركة مختصة بشركائهم ، يكون الحلول بها تقربا من هؤلاء ، فنهى الشرع عن ذلك.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد » .

ومنها : أنهم كانوا يسمون أبناءهم : عبد العزى ، وعبد شمس ، ونحو ذلك.

فقال الله تعالى : هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها [الأعراف : 189] الآية .

وجاء في الحديث «أن حواء سمت ولدها : عبد الحارث » ، وكان ذلك من وحي الشيطان . [ ص: 281 ]

وقد ثبت في أحاديث لا تحصى : أن النبي صلى الله عليه وسلم غير أسماء أصحابه عبد العزى ، وعبد شمس ، ونحوهما إلى عبد الله ، وعبد الرحمن ، وما أشبههما .

فهذه أشباح وقوالب للشرك نهى الشارع عنها ؛ لكونها قوالب له ، والله أعلم .

هذا آخر كلام الحجة البالغة ، وهذا الذي ذكره أقساما للشرك هو أصول الشرك فقط .

التالي السابق


الخدمات العلمية