صفحة جزء
الشرك في المشيئة

ومن الإشراك : قول القائل لأحد من الناس : ما شاء الله ، وشئت .

كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال له رجل : ما شاء الله ، وشئت .

فقال : «أجعلتني لله ندا ؟ ! قل : ما شاء الله ؛ أي : وحده
.

وهذا مع أن الله تعالى قد أثبت للعبد مشيئة ؛ كقوله سبحانه : لمن شاء منكم أن يستقيم [آل عمران : 85] .

فكيف بمن يقول : أنا متوكل على الله، وعليك ، أو : أنا في حسب الله ، وحسبك ، أو : ما لي إلا الله ، وأنت ، أو : هذا من الله ، ومنك ، أو : هذا من بركات الله ، وبركاتك ، أو : الله لي في السماء ، وأنت لي في الأرض .

زن بين هذه الألفاظ الصادرة من غالب الناس اليوم ، وبين ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول : «ما شاء الله ، وشئت » .

ثم انظر أيهما أفحش ، يتبين لك أن قائلها أولى بالبعد من إياك نعبد ، وبالجواب من النبي صلى الله عليه وسلم لقائل تلك الكلمة ، وأنه إذا كان قد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ندا ، فهذا قد جعل من لا يداني الله أبدا ندا . [ ص: 302 ]

وبالجملة : فالعبادة المذكورة في قوله : إياك نعبد في السجود ، والتوكل ، والإنابة ، والتقوى ، والخشية ، والتوبة ، والنذر ، والتسبيح ، والتكبير ، والتهليل ، والتحميد ، والاستغفار ، وحلق الرأس خضعانا وتعبدا ، والدعاء ؛ كل ذلك حق لله تعالى .

وفي «مسند الإمام أحمد » : أن رجلا أتي به النبي صلى الله عليه وسلم قد أذنب ذنبا ، فلما وقف بين يديه ، قال: اللهم إني أتوب إليك ، ولا أتوب إلى محمد ، فقال صلى الله عليه وسلم: «عرف الحق لأهله » .

وخرجه الحاكم من حديث الحسن ، عن الأسود بن سريع ، وقال : صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية