صفحة جزء
مرجع الشرك ، وأقسام شرك التعطيل

فأصل الشرك ، وقاعدته التي يرجع إليها : هو التعطيل ، وهو ثلاثة أقسام :

أحدها : تعطيل المصنوع من صانعه .

الثاني : تعطيل الصانع عن كماله الثابت له .

الثالث : تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد .

ومن أهل هذا الشرك أهل وحدة الوجود .

ومنه : شرك الملاحدة القائلين بقدم العالم ، وأبديته ، وأن الحوادث بأسرها مستندة إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها ، ويسمونها : العقول ، والنفوس .

ومنه : شرك معطلة الأسماء والصفات ؛ كالجهمية ، والقرامطة ، وغلاة المعتزلة .

شرك التمثيل

والنوع الثاني : شرك التمثيل ، وهو شرك من جعل معه تعالى إلها آخر ؛ كالنصارى في المسيح ، واليهود في عزير ، والمجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور ، وحوادث الشر إلى الظلمة .

وشرك القدرية المجوسية مختصر منه .

وهؤلاء أكبر مشركي العالم ، وهم طوائف جمة .

1-منهم : من يعبد أجزاء سماوية .

2-ومنهم : من يعبد أجزاء أرضية .

3-ومن هؤلاء : من يزعم أن معبوده أكبر الآلهة .

4-ومنهم : من يزعم أنه إلهه من جملة الآلهة .

5-ومنهم : من يزعم أنه إذا خصه بعبادته ، والتبتل إليه ، أقبل عليه ، واعتنى به . [ ص: 305 ]

6-ومنهم : من يزعم أن معبوده الأدنى يقرب إلى الأعلى الفوقاني ، وهذا الفوقاني يقربه إلى من هو فوقه ، حتى تقربه تلك الآلهة إلى الله سبحانه .

فتارة تكثر الوسائط ، وتارة تقل .

فإذا عرفت هذه الطوائف ، وعرفت اشتداد نكير الرسول صلى الله عليه وسلم على من أشرك به تعالى في الأفعال ، والأقوال ، والإرادات -كما تقدم ذكره - ، انفتح لك باب الجواب على السؤال .

فنقول : اعلم أن حقيقة الشرك تشبيه المخلوق بالخالق ، والخالق بالمخلوق .

أما الخالق : فإن المشرك شبه المخلوق بالخالق في خصائص الألوهية ، وهي التفرد بملك الضر والنفع ، والعطاء والمنع .

فمن علق ذلك بمخلوق ، فقد شبهه بالخالق تعالى ، وسوى بين التراب ورب الأرباب .

فأي فجور أكبر ، وأي ذنب أعظم من هذا ؟ !

التالي السابق


الخدمات العلمية