صفحة جزء
أقسام الناس بالنسبة إلى التحقق بعبادة الله

والناس في هذين الأصلين أربعة أقسام :

الضرب الأول : أهل الإخلاص ، والمتابعة : فأعمالهم كلها لله ، وأقوالهم ، ومتعهم ، وعطاؤهم ، وحبهم ، وبغضهم ، كل ذلك لله تعالى ، لا يريدون من العباد جزاء ، ولا شكورا .

وعدوا جملة الناس كأصحاب القبور ؛ لا يملكون ضرا ، ولا نفعا ولا موتا ، ولا حياة ، ولا نشورا ؛ فإنه لا يعامل أحدا من الخلق إلا لجهله بالله ، وجهله بالخلق . [ ص: 315 ]

والإخلاص هو العمل الذي لا يقبل الله من عامل عملا صوابا عاريا منه ، وهو الذي ألزم عباده به إلى الموت .

قال تعالى : ليبلوكم أيكم أحسن عملا [الملك : 2] ، وقال : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا [الكهف : 7] .

وأحسن العمل : أخلصه ، وأصوبه .

فالخالص : أن يكون لله .

والصواب : أن يكون على وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا هو العمل الصالح المذكور في قوله تعالى : فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا [الكهف : 110] ، وهو العمل الحسن في قوله تعالى : ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن [النساء : 125] .

وهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد » .

وكل عمل بلا متابعة ، فإنه لا يزيد عامله إلا بعدا من الله تعالى .

فإن الله تعالى إنما يعبد بأمره ، لا بالأهواء والآراء .

الضرب الثاني : من لا إخلاص له ، ولا متابعة : وهؤلاء شرار الخلق .

وهم المتزينون بأعمال الخير ، يراؤون بها الناس .

وهذا الضرب يكثر فيمن انحرف عن الصراط المستقيم من المنتسبين إلى الفقه ، والعلم ، والفقر ، والعبادة .

فإنهم يرتكبون البدع ، والضلال ، والرياء ، والسمعة ، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا .

وفي أضراب هؤلاء نزل قوله تعالى : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم [آل عمران : 188] . [ ص: 316 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية