صفحة جزء
الصنف الثالث : الذين يزعمون أن فائدة العبادة رياضة النفوس ، واستعدادها لفيض العلوم والمعارف عليها ، وخروج قواها من قوى النفس السبعية ، والبهيمية .

فلو عطلت العبادة ، التحقت النفوس بنفوس السباع ، والبهائم .

فالعبادة تخرجها عنها إلى مشابهة العقول ، فتصير قابلة لانتقاش صور المعارف فيها ، وهذا يقوله طائفتان .

إحداهما : من يقرب إلى الإسلام ، والشرائع من الفلاسفة القائلين بقدم العالم ، وعدم الفاعل المختار .

والثانية : من تفلسف من صوفية الإسلام ، ويقرب إلى الفلاسفة .

فإنهم يزعمون أن العبادات رياضات لاستعداد النفوس للمعارف العقلية ، ومخالفة العوائد .

ثم من هؤلاء من لا يوجب العبادة إلا لهذا المعنى ، فإذا حصل لها ذلك، بقي متحيرا في حفظ أوراده ، والاشتغال بالوارد عنها .

ومنهم من يوجب القيام بالأوراد ، وعدم الإخلال بها ، وهم صنفان أيضا .

1-أحدهما : من يقول بوجوبها ؛ حفظا للقانون ، وضبطا للناموس .

2-والآخرون يوجبونها ؛ حفظا للوارد ، وخوفا من تدرج النفس بمفارقتها إلى حالتها الأولى من البهيمية .

فهذه نهاية أقدامهم في حكمة العبادة ، وما شرعت لأجله . [ ص: 326 ]

ولا تكاد تجد في كتب المتكلمين على طريق السلوك ، غير طريق من هذه الطرق الثلاثة ، أو مجموعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية