صفحة جزء
حقيقة التوحيد

فإن التوحيد حقيقته: أن ترى الأمور كلها من الله تعالى رؤية تقطع الالتفات عن الأسباب والوسائط، فلا ترى الخير والشر إلا منه.

وهذا المقام يثمر التوكل، وترك شكاية الخلق، وترك لومهم، والرضاء عن الله تعالى، والتسليم لحكمه.

وإذا عرفت ذلك، علمت أن الربوبية منه تعالى للعباد، والتأله من عباده له سبحانه، كما أن الرحمة هي الوصلة بينه -عز وجل- وبينهم، وأن أنفس الأعمال وأجلها قدرا توحيد الله تعالى.

غير أن التوحيد له قشران:

الأول: أن تقول بلسانك: لا إله إلا الله، ويسمى هذا القول: توحيدا، وهو [ ص: 67 ] مناقض للتثليث الذي تعتقده النصارى، وهذا التوحيد يصدر أيضا من المنافق الذي يخالف سره جهره.

والثاني: ألا يكون في القلب مخالفة، ولا إنكار لمفهوم هذا القول، بل يشتمل القلب على اعتقاد ذلك، والتصديق به. وهذا توحيد عامة الناس.

التالي السابق


الخدمات العلمية