صفحة جزء
حكم تعلم علم النجوم

قال ابن مسعود: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أما السماء الدنيا، فإن الله خلقها من دخان، وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وزينها بمصابيح، وجعلها رجوما للشياطين، وحفظا من كل شيطان رجيم» رواه ابن مردويه.

ومعنى علامات: دلالات على الجهات، يهتدي بها الناس في ذلك، كما قال تعالى: وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر أي: لتعرفوا بها جهة قصدكم، وليس المراد أنه يهتدى بها في علم الغيب، كما يعتقده المنجمون. فمن زعم فيها غير ما ذكر الله في كتابه من هذه الثلاث، فقد أخطأ. حيث زعم شيئا ما أنزل الله به من سلطان، وأضاع نصيبه من كل خير؛ لأنه شغل نفسه بما يضره ولا ينفعه.

فإن قيل: المنجم قد يصدق، قيل: صدقه كصدق الكاهن، يصدق في كلمة، ويكذب في مائة، وصدقه ليس عن علم، بل قد يوافق قدرا، فيكون فتنة في حق من صدقه، وقد جاءت الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بإبطال علم التنجيم كما سيأتي، وفي التحذير منه، وهي كثيرة جدا.

وكره قتادة -رضي الله عنه- تعلم منازل القمر، ولم يرخص ابن عيينة فيه، ورخص فيه أحمد، وإسحاق، وجوزه مجاهد، وإبراهيم النخعي.

وقال الخطابي: ما يعلم به الزوال، وجهة القبلة من طريق المشاهدة، فإنه غير داخل فيما نهي عنه.

[ ص: 133 ] وقال «ابن رجب»: المأذون في تعلمه: علم التسيير، لا علم التأثير؛ فإنه باطل محرم قليله وكثيره، وأما التسيير، فيتعلم منه ما يحتاج إليه في الاهتداء إلى الطرق، ومعرفة القبلة، عند الجمهور، انتهى.

وأقول: الأحوط ألا يتعلم منه شيئا، وإن تعلم، فلا يعتقده على خلاف مراد الله. وما ذهب إليه الجمهور، فهو آيل إلى قوله تعالى: وعلامات وبالنجم هم يهتدون [النحل: 16]، ولا خلاف في جوازه.

التالي السابق


الخدمات العلمية