صفحة جزء
حكم نذر اللجاج والغضب

وأما نذر اللجاج والغضب، فهو يمين عند أحمد، فيخير بين فعله، وكفارة يمين.

لحديث عمران بن حصين مرفوعا «لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين». رواه سعيد، وأحمد، والنسائي.

فإن نذر مكروها؛ كالطلاق، استحب أن يكفر، ولا يفعله. هكذا في «فتح المجيد».

وفي «الروضة الندية شرح الدرر البهية»: إنما يصح النذر إذا ابتغي به وجه الله، فلا بد أن يكون قربة، ولا نذر في معصية الله، لأنه قد ورد النهي عن النذر، كما في «الصحيحين» وغيرهما، من حديث ابن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن النذر، وقال: «إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من مال البخيل».

وفيهما أيضا من حديث أبي هريرة نحوه.

ثم ورد الإذن بالنذر في الطاعة، والنهي عنه في المعصية كما في «الصحيحين» من حديث عائشة المتقدم.

وعلى ذلك يحمل قوله تعالى: يوفون بالنذر .

وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى: يوفون بالنذر قال: كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام، والزكاة، والحج والعمرة، وما افترض عليهم، فسماهم الله: أبرارا.

وورد بلفظ الحصر: أنه لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله ؛ كما أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله».

[ ص: 255 ] وأخرج مسلم من حديث ابن عباس يرفعه: «من نذر في معصية، فكفارته كفارة يمين».

وأخرج أحمد، وأهل السنن من حديث عائشة مرفوعا: «لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين»، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.

قال: ومن النذر في المعصية: ما فيه مخالفة للتسوية بين الأولاد، أو مفاضلة بين الورثة، [أو] مخالفة شرع الله ؛ وما لم يأذن به الله، كالنذر على المساجد لتزخرف، أو على أهل المعاصي ليستعينوا بذلك على معاصيهم.

ومن أوجب على نفسه فعلا لم يشرعه الله، لم يجب عليه، وعلى هذا أهل العلم.

وكذلك إن كان النذر مما شرعه الله، وهو لا يطيقه، لم يجب عليه الوفاء به.

ومن نذر نذرا لم يسمه، أو كان معصية، أو لا يطيقه، فعليه كفارة يمين.

ومن نذر بقربة وهو مشرك، ثم أسلم، لزمه الوفاء، ولا ينفذ النذر إلا من الثلث، وإذا مات الناذر بقربة، ففعلها عنه ولده، أجزأه ذلك. انتهى الحاصل منه، وأدلة هذه المسائل مذكورة فيه إن شئت فراجعه.

التالي السابق


الخدمات العلمية